Monday 12 May 2008

رسائل

حوارات قصيرة، ( رسائل متبادلة)، مع الدكتور موفق الربيعي،

مستشار الأمن القومي العراقي

الدكتور محمد علي زيني :

في شباط الماضي حضر الدكتور محمد علي زيني حفل إستقبال، أقامته السفارة العراقية في لندن، على شرف الدكتور موفق الربيعي، مستشار الأمن الوطني في العراق. خلال الحفل قابل الدكتور زيني الدكتور الربيعي، وسلّمه مقالا، ( نرفقه طيا )، يتعلق بقانون النفط والغاز. بعد أيام كتب الدكتور الربيعي رسالة إلكترونية قصيرة للدكتور زيني، وهذه كانت فاتحة لعدد قليل من الرسائل المتبادلة، سنعرضها في أدناه، حسب تسلسلها الزمني، نظرا لما تتضمنه من تنوير وإحاطة ضرورية، يتوجب توفيرها للشعب العراقي، لكي يكون على بيّنة كيف تدار مصائرهم، لاسيما وإن الدكتور الربيعي يحتل ليس فقط منصبا رفيعا، بل هو أحد اللاعبين الأساسيين في قيام نظام ما بعد صدام حسين. وإن النشر يأتي هنا خدمة للشعب العراقي، ولربما بشئ من التضحية بالخصوصية الشخصية.

From: Mowaffak Al Rubaie
Sent: 21 February 2008 18:37
To: Muhammad-Ali Zainy
Subject: Salam

الدكتور محمد علي زيني المحترم

أود أن أشكرك كثيراً على المعلومات القيمة التي أرسلتها لي في السفارة العراقية في لندن و هذا إنما يدل على وطنيتك العالية أولاً و على حرصك على ثروات بلدك العراق و أتمنى لك الصحة و الموفقية و أن يبقى التواصل قائماً بيننا و أنا مستعد إلى مد يد العون لك في أي وقت و بما يخدم العراق.


Dr Mowaffak al Rubaie
Iraq 's National Security Advisor

وفي 19 آذار- 2008 ، اجاب الدكتور زيني كالآتي:

عزيزي الدكتور موفق المحترم

شكرا جزيلا لرسالتك الكريمة في 21/شباط/ 2008.

إنه لمما يدعو للإنشراح أن أتسلّم رسالة جوابية من سياسي عراقي؛ إذ لابد من الإعتراف بأنه

لم يسبق لي أن تسلّمت إجابة أو تعليق من أي سياسي عراقي رفيع المنصب في السلطة الحالية

في العراق، حينما كنت أبعث مقالاتي أو إهتماماتي بالوضع العراقي الى القادة والساسة الكبار

في العراق.

لقد كان من حسن الصدف أن نلتقي بجنابك الكريم في السفارة العراقية في لندن، مؤخرا،

بعد إنقطاع خمس سنوات، تواتر خلالها الكثير من الأحداث، بعضها حسن، ولكن معظمها سيء

جدا.

كانت آخر مرة رأيتك فيها في العراق، هي في شهر حزيران من عام 2003، في القصر

الجمهوري في بغداد، حيث كنت حينها أعيش هناك مع زملائي في بيوت سفرية ( كرفان ) منصوبة بحديقة القصر الخلفية وأشتغل كمستشار بالشؤون النفطية، ذلك عندما شرفت حضرتك، وقضيت حوالي ثلاثة أيام. ولعلّي أتذكر بأنك كنت حينها تتداول مع السيد بريمر حول قضايا العراق، بما فيها، ربما، تشكيل مجلس الحكم المؤقت، والذي أصبحت أنت أحد أعضائه.

بعد مرور شهرين من ذلك التأريخ أستقلت أنا من مهمتي، بسبب خيبة الأمل الكبيرة التي

أصابتني، وعدت الى لندن، معتقدا بأني قد أستطيع خدمة بلدي بطريقتي الخاصة؛ أما أنت فبقيت

وأصبحت جزءا من المؤسسة العراقية الحاكمة، ورمزا من الرموز السياسية في عراق ما بعد

صدام.

وبعد مرور خمس سنوات على مايسمى بالعملية السياسية في العراق، لا أرى اليوم إلا عراقاً

يتهاوى، وساسة عصيين على أي توافق ومصالحة، وحكومة فاشلة، وأحزاب وسياسيين متشبثين

بمصالحهم الضيقة، وإقتصاد مشلول، وبنى إرتكازية متهالكة، وبطالة متفشية، وغياب للخدمات

الأساسية للحياة، وإنعدام للأمن والسلام. إنها حالة إنقفال عصّية على الحل، كما يبدو، إذ ليس

هناك حزب أو مجموعة واحدة قادرة على التنازل عن المصالح الفئوية، ولو مليمترا واحدا، من

أجل تشكيل حكومة وطنية من التكنوقراط والخبراء لتدير شؤون الوزارات العاجزة تماما عن

تقديم الخدمات للناس، طالما هي تدار اليوم من قبل سياسيين هواة لا يملكون القدرة ولا الكفاءة!

دكتور الربيعي، أنت بالأساس رجل جيد، ووطني أيضا. ولكنك موجود في وسط معمعة

الفساد المخيفة حاليا واللصوصية الضاربة أطنابها بالجملة لسرقة ثروات العراق العامة، وليس

في هذا طبعا أي إدعاء أو تنويه بأنك رجل فاسد. لا أبدا، إذ لا أزال أتذكر بوضوح، تلك الأمسية

في السفارة العراقية في لندن، حينما ناشدتنا لأن نسأل أنفسنا في نهاية كل يوم عمل، وقبل أن

نؤوي للنوم " أي خير فعلته خلال هذا اليوم من أجل بلدي العراق؟ " وبأننا سنرى بعد هذا

السؤال الذي نطرحه على أنفسنا، بأننا سنخلد الى النوم بضمير مستريح، وذلك عندما يكون

جوابنا على سؤالنا " نعم لقد فعلنا اليوم شيئا جيدا، مهما كان صغيرا،من أجل الوطن". لقد

حركت هذه المناشدة في نفسي شعورا وطنيا عاليا. للمناسبة، تذكّرني مناشدتك تلك بمناشدة كان

قد وجّهها الرئيس الأمريكي الراحل جون كندي الى الشعب الأمريكي حين قال " لا تسأل ماذا تستطيع أمريكا أن تقدم لي، بل ماذا تستطيع أنت أن تقدم الى أمريكا!" ولعلنا نتسائل عن أية فائدة عملية

يمكن أن تجنى للعراق، إذا كان جلّ مانفعله يقع في خانة الحماس والخطاب الرنان، فيما نحن باقون

قابعون في مهاجرنا؟!

هناك الآن آلاف مؤلفة من رجال ونساء العراق الطيبين، وقد إختاروا بأنفسهم منافيهم، وهم

من القادرين والقادرات على إنجاز عظيم الأعمال من أجل إعادة بناء العراق وإحيائه، ولكن هل

بمقدورهم أو بمقدورهن أن يكونوا فاعلين أو فاعلات، وهم أوهن في منافيهم باقون أو باقيات؟ ولربما

سيكون جوابك بأن أبواب العراق مفتوحة لهم جميعا، وإن بإمكانهم المجيء لخدمة بلادهم، كل

حسب مواهبه أو مواهبها، تماما كما أنت فاعل الآن. وجوابي هو إنك الآن جزء من المؤسسة

القائمة، وقد وجدت موقعا مأمونا لنفسك فيها، ولكن كيف يستطيع العراقيون من الذين نأمل

عودتهم، أن يحموا أنفسهم من القتل أوالإختطاف، دع عنك إنشغالهم بخدمة وطنهم بفعالية، طالما

بقيت الحكومة، بذات الوقت، منغمسة بحكم العراق برؤى أنانية وذاتية مفرطة، وبنظرة شائعة

لدى الكثير من عناصرها، لإعتبارالعائدين من المنافي مهددين لسلطاتهم أو تسلطهم الحالي؟

لقد سعدت جدا حينما علمت مؤخرا في الأخبار بأنك مع السيد برهم صالح، نائب رئيس

الوزراء، قد ذهبتما الى البصرة لإستعادة ميناء " أم قصر " من أيدي المليشيات المستحوذة عليه؛

وذلك بتعبئة الجيش العراقي لهذا الغرض. وهذه كانت خطوة مستحقة وقد آن أوانها منذ زمن بعيد، إذ كيف

يمكن إدارة البلاد بصورة صحيحة بينما تتواجد هناك، في الوقت ذاته، مليشيات- مرتبطة أحيانا بعصابات

إجرام تواصل اللصوصية والإختطاف والقتل- تقوم عمليا بتجريد الحكومة المنتخبة من

قدرتها على الحكم، كما تقوم بنشر الفوضى والعبثية في مدن العراق، وخصوصا البصرة

(عاصمة العراق الإقتصادية )، وتجعل أرواح العراقيين وممتلكاتهم في خطر محدّق ودائم.

إن مشكلة سيطرة المليشيات الغير مشروعة والتي يستوجب إستئصالها، تنسحب أيضا – ولربما

بدرجة أشد – على الوزارات العراقية التي أضحت اليوم تحت سطوة أحزاب سياسية معينة.

ويستحضر هذا الأمر للذهن، مثالا؛ وهو في مطلع عام 2005، إبان قيام الجعفري بتشكيل حكومته، حين

إتصل بي مدير عام في مجلس الوزراء، هاتفيا، وعرض عليّ منصب وزير النفط، في الوزارة

تحت التشكيل. وبعد تفكير في الأمر، قررت قبول العرض، وما ذاك إلا لأعلم، بعد حين، بأن تلك

الوزارة، من خلال عملية مساومات تقسيم السلطة، قد أضحت إقطاعية تم تخصيصها لحزب معيّن،

وإن وزير النفط المعيّن سيكون آلة طيّعة بيد ذلك الحزب، صاحب الإقطاعية. وهكذا ذهب

منصب وزير النفط آنذاك للسيد ابراهيم بحر العلوم، ولاشك أن نفوذ والده قد لعب دورا بذلك؛ ولم يطل

الأمر بهذا الوزير إلا أن جرى إستبداله بشخص آخر، يمثل الحزب صاحب الآقطاعية و المسيطر الفعلي على تلك الوزارة، وكأن الوزير أصبح سركالا يأتمر بأوامر شيخه. وبعد أشهر قليلة لاحقة، عندما جرى عرض هذا المنصب عليّ، مرة أخرى، من قبل نفس المدير العام، أنف الذكر، أثناء عملية تغيير وزاري كان يخطط له، رفضت بصورة قاطعة هذه المرة، وشرحت لعارض المنصب برسالة إلكترونية ( أرفق نسخة منها ) بأني سأعود الى العراق، ضمن مجموعة " روّاد الآعمار والتنمية " وإننا ننوي الترشيح، ضمن المجموعة، للبرلمان، في الإنتخابات القادمة في نهاية عام 2005. ولكن، وياللأسى، كان المسرح

السياسي في العراق، آنذاك، خطيرا ومشحونا بالتوظيف الطائفي والعرقي، مما آل الى تكريس

الخيارات على أساس الهويات الشيعية والسنية والكردية. وعلى ذلك، لم تكن هناك فسحة، حتى

ولو صغيرة، لإختيار تكنوقراط مؤهلين ووطنيين، جاءوا لخدمة العراق ولإعادة بناءه، ليس إلا.

أية فرصة يمكن أن تتاح لإنتخاب مثل هؤلاء، في غياب العقل السياسي الحصيف، و في ظل

الشحن المذهبي الطائفي والأثني العرقي؟؟ وعلى ذلك كان لابد أن نخسر الإنتخابات!

إن هذا المسلسل المخجل لسيطرة الأحزاب على وزارات عراقية معينة يجب أن ينتهي؛ بل

والأهم من ذلك، لابد للإستقطاب الفئوي وتقسيم الشعب العراقي في الإنتخابات العامة، مابين

شيعي وسني وكردي، أن يتوقف نهائيا! !

عندما رأيتك في الشهر الماضي سلّمتك مقالا منشورا لي، وهو عبارة عن مذكرة أو نداء موجّه

للبرلمان العراقي يتعلّق بمسودة قانون النفط والغاز. و بعد أسبوعين، حضرت مؤتمرا عن السياسات النفطية في العراق، عقد في باريس. وها أنا أرفق لإطلاعكم نسخة الورقة التي قدمتها في ذلك المؤتمر، كونها تتضمن خارطة طريق لإعادة بناء الإقتصاد العراقي، ولوضعه على طريق التنمية الإقتصادية المستدامة.

ستشهد نهاية العام القادم دورة إنتخابية برلمانية ثانية. وآمل أن أراك هناك في العراق، ولربما

كمنافس، حيث أنوي خوض الإنتخابات مرة أخرى. ويمكن أن أتصورك مرشحا ضمن قائمة

الإئتلاف الشيعي، وأنا ضمن قائمة التحالف الديمقراطي. وليست أسماء القائمة هي المهمة في

الإنتخابات، إنما الذي يجب أن يكون بالغ الأهمية هو أن تكون القائمة مفتوحة للرأي العام

العراقي ليتمعن فيها ويراجعها. إن القوائم المغلقة في الإنتخابات الماضية أفرزت، وأرجو أن

تتفق معي، أشخاصا غير أكفاء، وبعض برلمانيين لا قيمة لهم، فلم يكونوا ممثلين للشعب

العراقي، بل ممثلين للأحزاب و للتنظيمات التي إختارتهم. وكانت النتيجة كارثية على البلد، حتى، بأخف

التعبيرات، إن ماحصل عليه الشعب العراقي من تلك الإنتخابات هو برلمان نفعي، لا علاقة له

بمصالح وحاجات الشعب وتطلعاته وآماله، لأنه كان ولا يزال، مرهون بالسياسات الحزبية

الضيقة، وإن كل ما نتج عنه من إداء كان، بحق، كئيبا بل ومقرفا جداً. إن هذا البرلمان، و بإدائه السيء، سيبقى وصمة بتأريخ العراق السياسي المعاصر.

وحتى ذلك الحين، أصلي الى الله القدير ليحميك ويعينك بكل العزم والقوة لخدمة بلادنا وأهلنا

الأحباء، بصدق.

مع أطيب تحياتي

محمد علي زيني

المرفق المشار إليه في الرسالة أعلاه، و هو رسالة ألكترونية باللغة الآنجليزية موجهة إلى مدير عام في مجلس الوزراء العراقي، بتأريخ 7 آب، 2005 أدناه ترجمتها:

العزيز أبو رسل،

شكرا جزيلا لك لإتصالك الهاتفي صباح هذا اليوم. مرة أخرى، أنا أتشرف

بترشيحي لمنصب في حكومة الدكتور الجعفري، وها أنا أرفق لكم سيرتي الذاتية

التي طلبتها، وهي النسخة الوحيدة لديّ باللغة العربية. على أية حال، أود تكرار ما

قلته لحضرتك عبر الهاتف بشأن العمل مع الحكومة الحالية، كالآتي:

بخصوص منصب مستشار نفطي لرئيس الوزراء الذي أتصلت بي حوله منذ

أسبوع أو عشرة أيام. فأنا أعلمتك بأني غير راغب بتوليه؛ وكنت قد تركت

رقم هاتفي مع سكرتير الدكتور بشّار النهر. ولم أتصل بكم ثانية حول

الموضوع، لأني كنت معتقدا بأن الدكتور النهر قد إبلغكم بموقفي، وإن

الموضوع قد أغلق.

أما بشأن منصب وزير النفط المقترح من قبلكم، فأنا حقا قبلت العرض عندما

أتصلت بي في نيسان الماضي من عام 2005، ولكن لأسباب ما، هي وراء

الأستار، تم إختيار الدكتور بحر العلوم. والآن فات الوقت على هذا الأمر

كثيرا، فأنا، بكل إحترام، أعتذر عن تبوء أي منصب وزاري في حالة قيام

الدكتور الجعفري بأي تعديل وزاري في حكومته.

وكما أخبرتك، فأنا وعدد من زملائي وأصدقائي، ( وكلهم مهنيون

وتكنوقراط)، قد شكلنا كيانا سياسيا تحت أسم " روّاد الأعمار والتنمية "

وسوف نعلن عنه رسميا، خلال اليومين القادمين. لقد وزّعنا حتى الآن ما

يقرب من ثمانية آلاف نسخة من بياننا الإنتخابي داخل العراق، وسوف نوزع

عددا أكبر، وننوي عقد مؤتمرنا العام في بغداد في الشهر المقبل. سيعقد

المؤتمر لمدة يومين؛ يكّرس فيه اليوم الأول لمناقشة المشاكل التي تجابه

العراق حاليا والحلول المقترحة لها. أما في اليوم الثاني فسيكّرس للقضايا

التنظيمية وللجنة الإنتخابات التنفيذية. وسوف تتم دعوة الأحزاب والكيانات

السياسية للمشاركة في اليوم الأول. وبطبيعة الحال، ستكون أنت وزملاؤك

مدعوين؛ وسيسعدني ويشرفني مع زملائي اللقاء بكم جميعا.

وأود أن أشدد، مرة أخرى، على رأييّ بأن المشاكل الجارية في العراق، بما

فيها التمرد، عموما، والتدمير الجاري، وخصوصا للمنشآت النفطية، لا يمكن

حلّها بإستخدام القوة وحدها. إذ لابد من وجود حل سياسي يتناول القضايا التي

تقلق أخوتنا العرب السنة؛ على أن يجري، بالوقت ذاته، عزل الإرهابيين

عنهم. وعلى أحزاب العرب الشيعة والكرد أن يتوقفوا عن التصرّف وكأنهم

المنتصرون، ومن ثم لهم الحق في إحكام سيطرتهم على كافة مفاصل الدولة المهمة دون أشراك الآخرين. ينبغي على جميع الجهات العراقية أن تكون صريحة مع بعضها، وبرغماتية في مناهجها، من أجل الوصول الى حلول توافقية لإنقاذ الموقف؛ ذلك لأن البديل، لا سامح الله، هو تجزأة العراق وضياعه.

أشكرك، مرة أخرى، وأرجو لجهودك النجاح الكامل. حفظ الله العراق. مع

أطيب التمنيات الشخصية.

محمد علي زيني

7-8 – 2005

وفي 18 آذار- 2008 ، بعث الدكتور زيني إلى د. ربيعي رسالة توكيدية كالآتي:

عزيزي الدكتور موفق المحترم

لقد كنت أنتظر منك جواباً على رسالتي و لكن لم يصلني شيئاً منك لحد الآن. سأنتظر لغاية 21 آذار، و حينذاك سيكون قد مر أسبوع كامل على رسالتي لك، أتمنى خلاله استلام جواب أو تعليق منك. بعد ذلك سأقوم بنشر هذه الرسائل مع ترجمتها العربية. أنا أعلم بأني طلبت منك، للمجاملة، أن تسمح لي بنشر هذه الرسائل المتبادلة بيننا، ولكن نظراً لكونك شخصية عامة، فليست هناك، و الحق يقال، حاجة لمثل هذا الأذن، لأن كل ما تقوله أو تكتبه أو تعمله هو ملك للشعب على أية حال. مرة أخرى، أتمنى أن أتسلم منك جواباً مناسباً يخص خططك و أفكارك و آمالك الخاصة ببلدنا و شعبنا. و بهذا ستكون مراسلاتنا أغنى و أكثر تنويراً للشعب. أتمنى لك التوفيق في جهودك، كما أتمنى لشعبنا العراقي الحبيب السلام و التقدم و الأزدهار.

مع أفضل تحياتي الشخصية،

محمد علي زيني

و لقد بعث الدكتور موفق الربيعي الجواب أدناه:

( أبعث هذا الجواب في يوم الجمعة 19/ آذار، بدون الأذن بالنشر )

عزيزي الدكتور زيني،

أشكرك على رسالتك الإلكترونية المفصّلة. إنك عراقي وطني عظيم.

وأنا، بالتأكيد، متفق مع معظم، إن لم يكن كل، ماجاء في رسالتك. أنا أعلم بأننا نواجه مشاكل ضخمة، ولكننا مع ذلك أنجزنا الكثير. وأود أن أطمأنك بأني سوف

لن أخوض الإنتخابات القادمة ضمن قائمة شيعية مغلقة. لقد سعدت بما

أفصحت به رسالتك من شجاعة، و أخلاص، وصراحة، وحزم. لقد أفدت كثيرا من

رسالتك هذه لأني وجدت نفسي فيها، وإن ما فيها يعبر عن أفكاري. كان أمامي

خيار واحد، فأما أن أتخاذل وأهرب بعيدا، أو أن أصمد وأحاول إصلاح

ما يمكنني إصلاحه. صدقني سيد زيني، ليس هناك أقرب الى قلبي من

مغادرة الحكومة. خذها مني بأن جميع الطاقم السياسي فاسد بطريقة أو

أخرى، ونحن بحاجة الى ثورة لتغيير هذه الفئة السياسية بكاملها. ولكن، ليس

أمامي الآن سوى الجلد والصبر، لحينما تحين فرصة التغيير الحقيقي، بينما

سأبقى لإداء واجباتي، محاولا تقليل الأضرار الى أدنى مايمكن. وليحفظ الله

العراق.

أخوك موفق

فأجاب الدكتور زيني على الرسالة أعلاه، برسالته بنفس التأريخ، أي في

19/3/2008. كالآتي:

عزيزي الدكتور موفق،

لقد سعدت جدا لجوابك هذا. ففيه مايعكس طبيعتك الطيبة، ويداوي الى

حد بعيد بعض الجراح الفاغرة. إن أشخاصا من أمثالك، ممن ذهبوا بعيدا

وبزخم كبير في العملية السياسية، بعد سقوط نظام صدام، قد تعلموا، الآن،

الكثير وراكموا خبرات عظيمية وثمينة، مما يمكن توظيفها لصالح البلاد.

ونصيحتي لك هي أن لا تتخلى عن الكفاح الذي تخوض غماره الآن، بل أن

تواصل المسيرة، حيث يمكنك. ألا و قد أصبحت مسلحاً بهذه الخبرة الكبيرة، يمكنك الآن أن تقدم، خلال المنعطف القادم، خدمة عظيمة للعراق، ولأهلنا الأحبة العراقيين، بينما تواصل وأنت في منصبك الحالي المساعدة في إصلاح الأخطاء،

طالما بقي هدفك، في دخيلة نفسك، هو تقديم المساعدة المخلصة للبلاد، وليس لتحقيق منافع دنيوية خاصة.

بخصوص ماذكرته بعدم منحك إياي الأذن لنشر هذه المراسلة، أود أن أعيد

التأكيد عليك، بأنك الآن شخصية عامة وبارزة، وإن إعلان أو نشر مثل هذه

الحوارات معكم سوف يساعد الشعب العراقي على فهم ما جرى ويجري من

أخطاء وإصابات في إدارة شؤون البلاد. فضلا عن إن مثل هذه الشفافية

ستمنحهم الأمل بأن هناك من يعمل بصدق لإنقاذ ما بقي من العراق، ولتوجيهه بالإتجاه الصحيح، نحو تطور هادف، غايته عراق موحد، وقوي، وغني، وشعب سعيد، متصالح مع نفسه و يعيش بسلام مع بقية العالم.

الدكتور محمد علي زيني

وبدوره رد الدكتور الربيعي بنفس اليوم على الرسالة أعلاه بكلمة شكر كما يلي:

شكراً لك يا سيد دكتور زيني.

Dr Mowaffak al Rubaie
Iraq's National Security Advisor

No comments: