Tuesday, 13 May 2008

النفط العراقي

النفط العراقي: أولويات مقلوبة و مستقبل قد يضيع

د. محمد علي زيني

خبير في النفط و الأقتصاد

مركز دراسات الطاقة العالمية - لندن

لماذا أولويات مقلوبة

وضعت مسودة قانون النفط و الغاز العراقي من قبل ثلاثة خبراء عراقيين تشرف عليهم شركة قانونية مختصة عينتها أمريكا. القانون، من أوله إلى آخره يعالج جهة واحدة من الصناعة النفطية وهي مسألة استغلال النفط الخام، بما يشمل ذلك من عمليات استكشاف، تطوير، استخراج وتسويق. إن القانون هذا يخص السوق العالمية فقط. إنه يخص إشباع الطلب العالمي على النفط، ولكن ماذا عن إشباع الطلب المحلي للمشتقات النفطية؟ ماذا عن تلبية حاجات العراقيين إلى البانزين (الغازولين) وإلى الديزل وإلى الغازويل وإلى النفط الأبيض (الكيروسين) وإلى الغاز السائل؟ القانون لا يتطرق إلى هذا، وكأن العراق بلا شعب. حينما يتحدث القانون عن شركة النفط الوطنية فهو يتحدث عن شركة تتعامل بالنفط الخام فقط، أي بما يحتاجه العالم الخارجي، ولا علاقة لهذه الشركة بما يحتاجه الشعب من مشتقات نفطية.

ولكن لو نظرنا إلى شركات النفط العالمية مثل شل، BP، أكسون، شفرون، توتال، وكذلك شركات النفط بالشرق الأوسط مثل شركة أرامكو السعودية، شركة نفط الكويت وشركة النفط الإيرانية، نرى أن جميع هذه الشركات متكاملة عمودياً (vertically integrated ) فهي تتعامل بشؤون المنبع (upstream) بما يشمل ذلك عمليات الاستكشاف والتطوير والإنتاج والنقل وتسويق النفط الخام، ولكنها من جهة أخرى تتعامل أيضا بعمليات المصب (downstream) بما يشمل ذلك تصفية النفط (أو تكريره) ثم تجهيزه إلى المواطنين. هكذا تكون شركات النفط عادة، إلا شركة نفط العراق، فيراد لها خدمة العالم الخارجي فقط، أما الشعب العراقي فليذهب إلى الجحيم.

لقد مرت خمس سنوات وهناك شحة داخل العراق في المنتجات النفطية وخصوصاً المنتجات التي تمس حاجة الشعب وحاجة البيت العراقي مثل البانزين والنفط الأبيض والغاز السائل. فنرى الناس يقفون لساعات طويلة يومياً للحصول على المشتقات النفطية، والعراق يطفو على بحيرة من نفط. وفي غالب الأحيان يضطر المواطن لشراء ما يحتاجه من السوق السوداء التي تسيطر عليها عصابات الجريمة والموظفون الفاسدون وحتى بعض التكوينات والأحزاب السياسية المسيطرة على مقدرات العراق بالوقت الحاضر، في حين تقوم الحكومة باستيراد المشتقات النفطية بكلفة تقدر نحو خمسة مليارات دولار سنوياً.

لقد مرت خمس سنوات على سقوط النظام واحتلال العراق ولم يتم بناء مصفى جديد واحد، في حين أصبحت مصافي العراق الحالية قديمة، مهترئة، لا تعمل إلا بنصف طاقتها، ومنتجاتها ذات مواصفات رديئة، والبانزين لا يزال يعامل بالرصاص من أجل تحسينه، والرصاص مادة سامة تمّ منع استعمالها لتحسين البانزين في جميع أنحاء العالم تقريباً، ولكنها لا زالت تسمم بيئة العراق. لم يتم بناء مصفى جديد واحد بالعراق رغم مرور خمس سنوات على الاحتلال في حين يتم بناء المصافي بالشرق الأوسط على قدم وساق، وها هي المملكة العربية السعودية وكذلك الكويت، تقومان ببناء مصافي مخصصة للتصدير – ناهيك عن سد الطلب المحلي – بل تقومان ببناء مصافي جديدة داخل بلدان أخرى، بضمنها داخل أمريكا والصين، بالمشاركة مع شركات نفط محلية، ووزارة النفط العراقية لم تتمكن من إكمال بناء مصفى جديد واحد داخل البلد.

مشكلة النط الأسود

لقد مرت خمس سنوات ولم يتم تطوير مصفى واحد من المصافي الكبيرة في صلاح الدين وبغداد والبصرة لمعالجة مشكلة زيت الوقود (fuel oil) أو ما نسميه بالعراق (نفط أسود). إن طاقة المصافي العراقية حالياً هي حوالي 700 ألف برميل يومياً، ولكنها لا تشتغل بسعتها الكاملة، و نظراً لقدم التكنولوجيا المستغلة، فإن الناتج من المشتقات النفطية هو حوالي 45٪ نفط أسود لا يحرق منه إلا القليل لتوليد الطاقة الكهربائية، فما هو مصير الباقي؟ لا تتمكن وزارة النفط – في غالب الأحيان – من تصدير كافة الفائض من النفط الأسود، وكان نظام صدام المقبور يلقي النفط الأسود الفائض بالصحراء على شكل برك ثم تحرق تلك البرك، فيذهب النفط هدراً من جهة وُتلوث البيئة من جهة أخرى. الآن توقف هذا الحرق ، ولكن يعاد حقن الفائض من النفط الأسود في الحقول النفطية المنتجة، وهذا يؤذي النفط الخام العراقي ويحط من نوعيته ويقلل من سعره.

إن سعة الأنبوب المخصص لنقل النفط الأسود من مصفى البصرة إلى منصات التصدير هي 6000 طن يومياً، في حين ينتج المصفى حوالي 10 – 11 ألف طن يومياً، فأين يذهب الفائض؟ قسم منه يعاد حقنه بالمكامن وقسم آخر يخلط مع النفط الخام المصدر، وكلا الحالتين عملية اقتصادية مضرة. وما هو مصير الفائض من النفط الأسود المنتج في صلاح الدين (بيجي)؟ كان يحقن في مكامن جبل مكحول قرب الفتحة على نهر دجلة وقد تسبب ذلك العمل بكارثة بيئية كبيرة قبل حوالي سنتين، حينما تسرب النفط الأسود إلى مياه النهر. ولكن ماذا يصنع بالنفط الأسود في مصافي العالم المتطورة؟ إنه يعاد تكريره في مصافي خاصة لإنتاج مشتقات بيضاء كالبانزين والديزل والنفط الأبيض، ولكن هذا لا يحدث بالعراق، لعدم تطوير المصافي بهذا البلد، وهي عملية لا تستغرق أكثر من سنتين.

القانون مرة أخرى

عودة إلى مشروع قانون النفط و الغاز، نرى أنه مليء بالمثالب، على أن مثلبه الأكبر هو إعطاء حق التصرف بالحقول المستقبلية إلى الإقليم والمحافظات المنتجة دون إشراك الحكومة الفيدرالية بهذا الأمر. إن احتياطيات العراق المكتشفة حالياً هي حوالي 115 مليار برميل، على أن هناك احتمال كبير بأن ما سيكتشف بالمستقبل هو ضعف ما هو مكتشف حالياً، أي حوالي 230 مليار برميل. إن إعطاء صلاحيات منح تراخيص التنقيب والتطوير والإنتاج المتعلقة باحتياطيات النفط العراقية غير المكتشفة وذات الحجم الهائل إلى حكومات إقليم كردستان العراق والمحافظات العراقية المنتجة بمعزل عن الحكومة الفيدرالية هو إجحاف كبير بحقوق الشعب العراقي وإهدار فاضح لثرواته النفطية. ذلك أن الإقليم والمحافظات، وهي قليلة الخبرة بشؤون النفط والغاز، سوف تصبح فريسة سهلة لشركات النفط ذات الممارسات والخبرات الطويلة في شؤون النفط و الغاز بأنواعها المختلفة، و بضمنها الشؤون القانونية المعقدة والالتفاف على الشروط الموضوعة من قبل الطرف الآخر.

إن الدستور العراقي، بوضعه الحالي، يعطي الحق لمحافظة أو أكثر من محافظات العراق بتكوين إقليم على غرار الإقليم الكردي، وإن هذه الأقاليم تتمتع بموجب الدستور أيضاً بسلطات إصدار قوانين محلية تعلو على القوانين الفيدرالية في حالة التعارض فيما بينها. انظر إلى الإقليم الكردي لترى مصداقية ما نقول. لقد قام الإقليم الكردي بإصدار قانون نفط خاص به وأسس شركة نفط خاصة به، ثم استولى على حقل خرمالة النفطي وهو جزء من حقل كركوك، وأوقف أعمال التطوير التي كانت تجري لذلك الحقل من قبل وزارة النفط، وكذلك أوقف أعمال التطوير التي كانت تجري لحقل خورمور الغازي.

لقد قام الإقليم الكردي، مستغلاً الفقرة الأولى من المادة (112) من الدستور، بإبرام عشرين عقداً، من عقود المشاركة بالإنتاج، من أجل القيام بعمليات استكشاف وتطوير رقع نفطية داخل الإقليم، و كأن هذا الأقليم ليس جزءاً من العراق و فيه نحو 60 حقلاً مكتشفاً تنتظر التطوير، يقدر مجمل إحتياطياتها بحوالي 70 مليار برميل. كما اشتملت العقود المبرمة أراضي خارج الإقليم ضمن ما تسميه حكومة كردستان « مناطق متنازع عليها » تقع في محافظات الموصل والتأميم وديالى وصلاح الدين. لقد تم إبرام تلك العقود بسرعة فائقة لم تحدث بتاريخ أي بلد من بلدان العالم وبشروط سخية جداً، حتى بدا وكأن الأمر هو الإمعان المتعمد بإهدار ثروات كردستان العراق وارتهانها بأيادي أجنبية كما لم يحدث بأي بلد نفطي بالتاريخ الحديث. ولقد سبّب ذلك تصادماً وتناحراً بين حكومة الإقليم والحكومة الفيدرالية.

أقلمة المحافضات العربية

هناك أيضاً أصوات تداعي بأقلمة المحافظات العربية، كما يسمح به الدستور العراقي الحالي، خالطة عن قصد أو عن غير قصد بين خياري المركزية و الفدرالية، مدعية عن قصد أو غير قصد أيضاً بأن البديل عن خيار الأقاليم وما يستتبعه من فيدرالية هو المركزية المقيتة، وهذا غير صحيح، بل هو التضليل بعينه، ذلك أن شكل الحكم منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة ولغاية سقوط نظام صدام حسين كان مركزياً، وذلك صحيح، غير أن شكل الحكم قد تبدل بعد ذلك إلى النظام اللامركزي بخصوص المحافظات العربية، فهي تمارس الآن انتخابات بموجب القانون ولديها حكومات محلية منتخبة ولديها أيضاً ميزانياتها الخاصة، فأين هي المركزية إذن؟!

إن الدعوة إلى أقلمة المحافظات العراقية وربطها بالمركز بعلاقة فيدرالية إنما هي دعوة لتجزئة العراق وتمزيقه. فالدستور العراقي بوضعه الحالي يؤسس لأقاليم قوية مرتبطة بحكومة فيدرالية ضعيفة، لينتج عن ذلك عراق ضعيف بين دول قوية بالشرق الأوسط مثل إيران وتركيا وإسرائيل. إن التناحر والتصادم بين الأقاليم والحكومة الفيدرالية سيحدث لا محالة، وما الخلاف المشتد في الوقت الحاضر بين الإقليم الكردي من جهة والحكومة الفيدرالية (وبالأخص وزارة النفط) من جهة أخرى إلا مثال صغير ومقدمة بسيطة لما سيحدث من صدامات بالمستقبل.

إن الصدام فيما بين الأقليم و الحكومة الفدرالية (أي المركزية)، و حتى الصدام بين بين المحافظات العربية نفسها، في غياب سلطة فيدرالية قوية، و في خضم الفوضى العارمة التي ستؤججها قوانين الأقاليم والمحافظات المتضاربة ووجود العديد من الحقول النفطية العابرة لحدود المحافظات وحتمية الاختلاف على ملكيتها أو ملكية أجزاء منها، سيقود إلى تفتيت العراق. إن هذا الصدام سوف لن يكون عسير الوقوع، إذا علمنا أن العراقيين أصبحوا من الآن يقتتلون فيما بينهم من جهة وكذلك بينهم وبين قوات الحكومة الفيدرالية من جهة أخرى كما يجري الآن في محافظات البصرة و الكوت و القادسية و كربلاء و بابل و بغداد. انظروا إلى ما يجري الآن في محافظة البصرة، كما ورد في تقرير صدر مؤخراً من قبل مجموعة الأزمات العالمية (International Crisis Group) التي زارت البصرة خلال العام الماضي، جاء فيه ما خلاصته:

« إن البصرة، وهي ميناء البلد الوحيد وعاصمة العراق الاقتصادية حيث يكمن نحو 60٪ من موارد العراق النفطية، هي مبتلاة الآن بإدارات سيئة تستغل سلطاتها من أجل الإثراء وإفادة الأحزاب والتنظيمات التي تنتمي إليها، وهي مبتلاة أيضاً بالاغتيالات السياسية والثارات العشائرية وغياب القانون والأمن في المناطق السكنية، مع قيام الأحزاب الدينية في تلك المناطق بفرض طرائق الحياة التي ترتئيها تلك الأحزاب، وكذلك مبتلاة بازدهار مافيات الجريمة. هنالك في البصرة تتقاتل الميليشيات أو التنظيمات العسكرية التابعة للأحزاب السياسية فيما بينها وبالتعاضد مع عصابات الجريمة للسيطرة على مناطق المدينة والهيمنة على ثروات المحافظة الغنية بالنفط، من أجل استحواذ كل منها على الحصة الأكبر من الأموال المتأتية من سرقة النفط، وخصوصاً من تهريب المنتجات النفطية إلى خارج العراق، وهي شحيحة أصلاً وتصرف الحكومة بلايين الدولارات سنوياً من أجل استيرادها ».

ماذا تريد أمريكا

وأخيراً ماذا تريد أمريكا من العراق؟ لقد جاء الدستور العراقي غامضاً ولربما صيغ هكذا بتعمد. كما جاء ليجزئ العراق إلى أقاليم تتمتع بقوة نسبية كبيرة إلى جانب حكومة فيدرالية ضعيفة، وقد يتمزق العراق بالنهاية، نتيجة لهذا الدستور، إلى دويلات طائفية ضعيفة وبذلك تنتهي أسطورة العراق العظيم الذي عرفه التاريخ لآلاف السنين. إن هذه النهاية المأساوية تريدها إسرائيل حتماً، ولربما تريد هذه النهاية أيضاً الإدارة الأمريكية التي يقودها أولياء إسرائيل. وفي هذا الشأن لم يتردد الكونغرس الأمريكي بالإعلان عن هذه الرغبة بقرار منه صدر في العام الماضي. وإلى جانب إضعاف العراق، ولربما قتل العراق لمصلحة إسرائيل، تريد أمريكا السيطرة على نفط العراق الغزير الذي قال عنه نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني: العراق يطفو على بحيرة من نفط.

إن العراق يملك الآن نحو 115 مليار برميل من الاحتياطات النفطية الثابتة، وإذا تحققت توقعات الخبراء العراقيين بان الاحتياطات النفطية العراقية التي لم تكتشف بعد هي ضعف ما تم اكتشافه لحد الآن، فإن العراق سيفوق بثرواته النفطية حتى المملكة العربية السعودية، وسيصبح سيد الدول النفطية بامتياز، إن أمريكا تعرف هذا وتريد السيطرة على هذه الثروات.

قد يسأل سائل إن أمريكا دولة غنية جداً وبإمكانها شراء النفط من السوق العالمية، كما فعلت دوماً. كما أن الدول المنتجة للنفط ومنها العراق يجب أن تبيع نفطها لكي تستفيد منه، فلم إذن تريد أمريكا السيطرة على نفط العراق وهو ليس ممنوع عنها؟ إن الجواب لهذا السؤال هو أن السيطرة التي ترومها أمريكا هي سيطرة إستراتيجية، ويتم ذلك بواسطة شركات النفط العالمية عن طريق عقود المشاركة بالإنتاج الطويلة الأمد، وكذلك بواسطة التمركز بالعراق بقوات عسكرية، ولا بأس كذلك من ربطه بها بمعاهدات ثنائية.

إن الدافع لكل هذا هو أن العالم مقبل على شحة في الإمدادات النفطية من خارج منظمة الأوبك ومن خارج منطقة الخليج العربي بالذات. ففي الوقت الذي يتراجع الإنتاج النفطي في العديد من مناطق العالم التي كانت غنية بالنفط، ومنها أمريكا، نرى أن ما يربو على 60٪ من الاحتياطي النفطي العالمي يقع في منطقة الخليج العربي، وإن 38٪ من صادرات النفط العالمية تخرج من هذه المنطقة بالذات، ويُقدر لهذه النسبة أن تزداد بالمستقبل. يقابل ذلك ازدياد متوقع للطلب العالمي على النفط من 87 مليون برميل يومياً بالوقت الحاضر إلى نحو 117 مليون برميل يومياً بحلول سنة 2030م، أي بزيادة 30 مليون برميل يومياً في غضون ال22 سنة القادمة، فمن أين ستأتي الإمدادات النفطية الإضافية لتسد الطلب العالمي المتزايد إذا علمنا أن الطاقات البديلة، كالوقود الحيوي وغيره من طاقات متجددة لا تسد أكثر من 5٪ من سلة الطاقة العالمية بالوقت الحاضر ولا يتوقع لها الازدياد بصورة مؤثرة بالمستقبل المنظور؟

النفط و الغاز يا عرب

إن الطاقة هي أساس الحياة وإن 36٪ من هذه الطاقة يأتي من النفط في الوقت الحاضر، و60٪ منها يأتي من النفط والغاز الطبيعي معاً. إن نصف الطلب العالمي على النفط يأتي من قطاع النقل ولا يمكن الاستعاضة عن النفط في هذا القطاع في المستقبل المنظور، وسيبقى النفط هو المصدر الوحيد لحركة العالم لعقود طويلة قادمة. إن المشهد العالمي للخمسين سنة القادمة مقلق جداً. ذلك أن روسيا تسيطر على أكثر من ربع الاحتياطي العالمي للغاز الطبيعي وهي المجهز الأكبر لأوروبا من هذا الغاز، والذي تعتمد عليه أوروبا لسد 35٪ من طلبها الكلي على الطاقة. ذلك من جهة، و من جهة أخرى فأن الشرق الأوسط، والخليج العربي بالذات، يسيطر على أكثر من 40٪ من الاحتياطي العالمي للغاز الطبيعي، علماً أن الغاز الطبيعي يجهز حالياً نحو 24٪ من الطلب العالمي على الطاقة، وإن هذه النسبة آخذة في الازدياد.

ثم تأتي الصين العطشى إلى الطاقة، وهي الآن عملاق صناعي هائل بامتياز، و هي مستمرة بالنمو الاقتصادي بسرعة فائقة، وطلبها على النفط يزداد باستمرار من أجل توفير الوقود اللازم لتسيير عجلة الصين الصناعية الهائلة. و تأتي بعدها الهند، و هي عملاق آخر يستيقظ، ويقدر لنفوسها أن تتجاوز نفوس الصين في حلول عام 2030م. إن الهند هي أيضاً في طريقها أن تصبح عملاقاً صناعياً هائلاً عطشى إلى النفط والغاز كقرينتها الصين. وليس مقدراً للصين والهند أن تصبحا من عمالقة الصناعة فقط، ولكن مقدر لهما أن تصبحا دولتان عظيمتان بقدراتهما العسكرية أيضاً. ومن هنا يمكن تصور المشهد العالمي في غضون الأربعة عقود القادمة: منافسة شديدة على مصادر النفط والغاز بين عمالقة العالم الكبار صناعياً وعسكرياً، وقد بدأت المنافسة هذه من الآن.

إن أغلب مصادر الطاقة المتنافس عليها تقع في الشرق الأوسط، وفي الخليج العربي بالذات، إذ تحتوي هذه المنطقة الحيوية من العالم على أكثر من 60٪ من احتياطيات العالم من النفط وأكثر من 40٪ من احتياطيات العالم من الغاز الطبيعي. إن الذي يسيطر على هذه المنطقة يسيطر على مقدرات العالم.

من هذا المنظور يجب أن تبقى ثروات العراق بيد العراق. إن هذا يتطلب أن تتوفر للعراق حكومة وطنية نزيهة وحكيمة قادرة على انتشال العراق من محنته الحالية وقيادته إلى شاطئ السلام. إن العراق قادر بنفطه وغازه ومياهه وأراضيه الخصبة وشعبه النشط الذكي أن يكون سيداً بين سادات العالم. استيقظوا يا عراقيون، استيقظوا يا عرب!

Monday, 12 May 2008

Letters

Prelude: Last February Dr. Muhammad-Ali Zainy attended a reception in the London Iraqi embassy made in honour of Dr. Mowaffak Al-Rubaie (Iraq’s National Security Advisor) and handed him a copy of an article (in Arabic, copy attached) regarding the draft Iraqi oil law. Dr. Rubaie, in turn, sent him a letter of appreciation and thanks. In the aftermath of this response, a couple of interesting letters were exchanged, reflecting the two men’s views of the political situation in Iraq. The letters are shown below:

From: Mowaffak AlRubaie

Sent: 21 February 2008 18:37

To: Muhammad-Ali Zainy

Subject: Salam

الدكتور محمد علي الزيني المحترم

اود ان اشكرك كثيراً على المعلومات القيمة التي ارسلتها لي في السفارة العراقية في لندن وهذا انما يدل على وطنيتك العالية اولاً وعلى حرصك على ثروات بلدك العراق واتمنى لك الصحة والموفقية وان يبقى التواصل قائماً بيننا وانا مستعد الى مد يد العون لك في اي وقت وبما يخدم العراق

Dr. Muhammad-Ali Zainy, Esq.

I would like to thank you very much for the valuable information you gave me at the Iraqi embassy in London. This only shows your genuine patriotism and care for the wealth of your country, Iraq. I wish you good health and success, hoping that the contact between us will continue, and I am ready to extend my help to you in the service of Iraq.

DrMowaffak al Rubaie

Iraq's National Security Advisor



From: Muhammad-Ali Zainy

Sent: 14 March 2008 18:17

To: 'Mowaffak Al Rubaie'

Subject: RE: Salam

Importance: High


Dear Dr. Mowaffak,

Thank you very much for your message of 21 February, 2008. It is only refreshing to receive a reply from an Iraqi politician since, I must admit, I never had a response or feedback from a high-ranking Iraqi politician currently in power when I sent them my articles or my concerns regarding the situation in Iraq.

It was nice to see you in the Iraqi Embassy in London after a hiatus of 5 years, during which time a lot of things happened to our country, some good but most bad. The last time I saw you in Iraq

was in the Republican Palace in June 2003. I was living there (in a caravan) and working as an "Oil Advisor" when you came and spent some three days, as I remember, talking with Bremmer about Iraqi issues, including, perhaps, formation of the Interim Governing Council, of which you became a member. A couple of months later, I resigned out of deep disappointment and went back to my work in London, believing in serving my country in my own way, while you stayed on to be part of the Iraqi establishment and an icon of post-Saddam Iraq.

What I see now, after these five years, is a crumbling Iraq with un-reconciled people, corrupt government, self-interested parties and politicians, crippled economy, battered infrastructure, rampant unemployment, absent basic services, severe lack of peace and security, and a political gridlock with no party in power giving in - not even one millimetre of compromise - to form a government of "patriotic technocrats" to take over the dysfunctional ministries presently run by incompetent and amateurish politicians.

Dr. Rubai you are, essentially, a very good man and very patriotic too. In the middle of the ongoing horrendous corruption and wholesale stealing of Iraq's public wealth, no one can claim you are a corrupt man, not at all! And I vividly remember that evening in the Iraqi embassy in London when you pleaded with us to ask ourselves at the end of each day, just before going to bed, what good have we done during that day for our country Iraq, and if the answer was yes we have done something good - however small it may have been - then we could go for a good-night sleep! I was deeply moved by that patriotic plea which, incidentally, reminded of a plea to the American people by the late President John F. Kennedy who said "Ask not what America can do for you but what you can do for America ". But, then again, what practical benefit can we bring to Iraq if most of what we can do falls in the realm of mere rhetoric, as long as we remain in the diaspora?

There are now thousands upon thousands upon thousands of good Iraqi men and women who chose self-exile and who can do a tremendous job for Iraq's re-building and revival, but how could they be effective for that matter while being outside Iraq? Your answer might be that the doors of Iraq are open for them and they can come back and serve their country, each with his/her own talent, just as you are doing now. My answer is that you are now part of the establishment and you have insured your own security, but how can those potential Iraqi returnees protect themselves from being killed or kidnapped, let alone getting engaged in effectively serving their country, at a time when those in government, ruling Iraq, are mostly selfish and inward-looking and consider those returning exiles as a threat to their power?

I was very happy indeed when I recently heard in the news that you and Deputy Prime Minister Berhem Salih went to Basrah to reclaim the vital Iraqi port of "Um Qasr" from the hands of the controlling militias, by deploying the Iraqi army to take over. This was a step long overdue, since how can a country be run properly when, at the same time, there are militias - sometimes allied with gangs of crime engaged in stealing, kidnapping and killing - who have practically stripped the elected government of its power to rule, and spread havoc in the cities of Iraq, particularly in Basrah (Iraq's economic capital), and put the Iraqi citizens' lives and their property in constant danger?

This illegal control and the necessity to eradicate it also apply -and maybe more so - to the Iraqi ministries which have become under the hegemony of certain political parties in power. This brings to my mind, as an example, the formation of the Jafary government in early 2005 when a certain Director General in the office of the Council of Ministers contacted me by telephone and offered me the cabinet job of oil minister. After thinking the matter over, I decided to accept the offer, only to realise later that the Iraqi oil ministry, through a process of division of power, had become a fiefdom of a particular party and the oil minister was merely a tool in the hands of that party. Needless to mention, the oil minister's job went at that time, with the help of some family influence, to Ibrahim Bahr al-Olom, who was later replaced by another surrogate of the controlling party. A few months later, when I was offered the job again, by the same Director General, in a pending cabinet reshuffle, my answer was a vehement no! I also explained to him in an electronic letter, copy attached, that I will come to Iraq, within a group called "Pioneers for Reconstruction and Development" and will run, within the group, for parliament in the end-2005 general elections. But, alas, the political arena in Iraq at that time was dangerously charged on sectarian and ethnic bases and eventually crystallised into the identities of Shiites, Sunnis and Kurds. There was, therefore, no room whatsoever for some patriotic technocrats, like us, whose only goal was to properly serve their country, to compete in a general election polarised as such - so we simply lost.

The shameful episode of political parties controlling certain Iraqi ministries must come to an end, and, more importantly, the tragic sectarian polarisation and division of the Iraqi people in the general elections into Shiites, Sunnis and Kurds must come to an end!!!

When I saw you last month I handed you a published article - essentially a plea to the Iraqi parliament, copy attached - concerning the draft Iraqi oil and gas law. A couple of weeks later, I attended a conference in Paris about Iraqi oil policies. I am hereby attaching a copy of the paper I presented to the conference for your review, as it contains a road map for the re-building of Iraq's economy and setting it on a path of sustainable economic development.

The end of next year will see Iraq's second general parliamentary elections. I am hoping to see you there, perhaps as a rival, as I intend to run for parliament again. I can envisage you running within a Shiite coalition list and myself running within a democratic coalition list. However, the list's name should not be that important. What should be vitally important, though, is for the list to be open for the general Iraqi public to assess and scrutinize. The closed lists of the last parliamentary elections produced, as I am sure you will agree, incompetent and, even, some worthless parliamentarians, who represented not the Iraqi people but the party leaders who selected them. The result was a disaster, to put it charitably! What the Iraqi people got from that election was a self-interested parliament, almost completely dissociated from the general public's needs, interests and aspirations, and very much bound by narrow party politics, with a hitherto pathetic performance that will run down as a stigma in the political history of modern Iraq.

Until then, I pray that Almighty God will guard you and provide you with the vigour and power to faithfully serve our country and our beloved Iraqi people.

With best personal regards,

Muhammad-Ali Zainy

P.S. I request your permission to have this correspondence plus your pending reply (together with a pertinent Arabic translation) published for the review of the Iraqi people. Thank you.

----- Original Message ----

From: Muhammad-Ali Zainy

To: mowaffakalrubaie

Sent: Tuesday, March 18, 2008 11:42:57 PM

Subject: FW: Salam

Dear Dr. Mowaffak,

I have been waiting for a reply from you regarding this message but, so far, I haven't received any. I am going to wait until Friday 21 March when, by then, one week will have passed on my message to you, during which time I will, hopefully, receive some reply or comment from you. Then I will publish the message with a proper Arabic translation. I know that I have asked you, out of courtesy, for permission to publish this correspondence, but being a public figure as you are, there is, indeed, no need for such permission since what you do, write or say belongs to the public anyway. Again, I hope that I will receive a pertinent reply concerning your plans, ideas and hopes for our country and our people. In this way the correspondence will be richer and the Iraqi people will be more enlightened. I wish you good luck in your endeavours, and I wish our beloved Iraqi people peace, progress and prosperity.

With best personal regards,

Muhammad-Ali Zainy


-----Original Message-----

From: Mowaffak Al Rubaie

Sent: Wed 3/19/2008 12:56 AM

To: Muhammad-Ali Zainy

Subject: Re: Salam

This is the reply I sent you on Friday 14th March without the permission to publish it.

Dear Dr Zainy,

Thank you very much for your elaborate email. You are great Iraqi patriot. I certainly agree with most if not ALL of its contents. I know we face huge challenges but we have achieved a lot as well. I can assure you that I will never run in the next general election as part of a Shia closed list. I am so happy for your courage, honesty, frankness and assertiveness. I benefited great deal from your email because I found myself in it and reflected my views. The choice for me is either to chicken out and run away or to stick it out and try to mend whatever I can mend. Believe me Syed Zainy, there is nothing close to my heart than walking out. Take it from me that the WHOLE political elite is corrupt, one way or another and we need a revolution to change this political class in its totality. I have no choice but to plod on, pending the right opportunity to make the real changes. Meanwhile, carrying on my duties trying to minimize the damages. May Allah Almighty protect Iraq.

Akhook Mowaffak

Dr Mowaffak al Rubaie

Iraq's National Security Advisor


-----Original Message-----
From: Muhammad-Ali Zainy
Sent: 19 March 2008 08:15
To: Mowaffak Al Rubaie
Subject: RE: Salam

Dear Dr. Mowaffak,

I am so happy to receive your reply. This shows your good nature and goes a long way to heal some open wounds. People like you who have gone at full speed with the political process in the aftermath of the collapse of Saddam's regime have now learned a lot and have accumulated great and valuable experience which should be employed for the benefit of the country. My advice to you is not to drop out of the strife that you are currently in, but to continue. Armed with so much experience, you can offer, in the coming episode, a great service to Iraq and our beloved Iraqi people, and help in the process of making right of what went wrong, so long as your innermost aim is to sincerely help your country and no other worldly interest.

As for not giving me permission to have this correspondence published, I re-iterate that you are a prominent public figure and divulging such dialogue will show the Iraqi people what went wrong and what is right. Furthermore, it will give them hope that there are still some good people out there who are genuinely working to salvage what remained of Iraq and put it in the right direction of development for what it deserves to be: united, strong, modern and prosperous, with a happy people who are at peace with themselves as well as with the rest of the world.

With best personal regards,

Muhammad-Ali Zainy

From: Mowaffak Al Rubaie
Sent: 19 March 2008 14:55
To: Muhammad-Ali Zainy
Subject: Re: Salam

Thank you Syed Dr Zainy.

Dr Mowaffak al Rubaie
Iraq's National Security Advisor

رسائل

حوارات قصيرة، ( رسائل متبادلة)، مع الدكتور موفق الربيعي،

مستشار الأمن القومي العراقي

الدكتور محمد علي زيني :

في شباط الماضي حضر الدكتور محمد علي زيني حفل إستقبال، أقامته السفارة العراقية في لندن، على شرف الدكتور موفق الربيعي، مستشار الأمن الوطني في العراق. خلال الحفل قابل الدكتور زيني الدكتور الربيعي، وسلّمه مقالا، ( نرفقه طيا )، يتعلق بقانون النفط والغاز. بعد أيام كتب الدكتور الربيعي رسالة إلكترونية قصيرة للدكتور زيني، وهذه كانت فاتحة لعدد قليل من الرسائل المتبادلة، سنعرضها في أدناه، حسب تسلسلها الزمني، نظرا لما تتضمنه من تنوير وإحاطة ضرورية، يتوجب توفيرها للشعب العراقي، لكي يكون على بيّنة كيف تدار مصائرهم، لاسيما وإن الدكتور الربيعي يحتل ليس فقط منصبا رفيعا، بل هو أحد اللاعبين الأساسيين في قيام نظام ما بعد صدام حسين. وإن النشر يأتي هنا خدمة للشعب العراقي، ولربما بشئ من التضحية بالخصوصية الشخصية.

From: Mowaffak Al Rubaie
Sent: 21 February 2008 18:37
To: Muhammad-Ali Zainy
Subject: Salam

الدكتور محمد علي زيني المحترم

أود أن أشكرك كثيراً على المعلومات القيمة التي أرسلتها لي في السفارة العراقية في لندن و هذا إنما يدل على وطنيتك العالية أولاً و على حرصك على ثروات بلدك العراق و أتمنى لك الصحة و الموفقية و أن يبقى التواصل قائماً بيننا و أنا مستعد إلى مد يد العون لك في أي وقت و بما يخدم العراق.


Dr Mowaffak al Rubaie
Iraq 's National Security Advisor

وفي 19 آذار- 2008 ، اجاب الدكتور زيني كالآتي:

عزيزي الدكتور موفق المحترم

شكرا جزيلا لرسالتك الكريمة في 21/شباط/ 2008.

إنه لمما يدعو للإنشراح أن أتسلّم رسالة جوابية من سياسي عراقي؛ إذ لابد من الإعتراف بأنه

لم يسبق لي أن تسلّمت إجابة أو تعليق من أي سياسي عراقي رفيع المنصب في السلطة الحالية

في العراق، حينما كنت أبعث مقالاتي أو إهتماماتي بالوضع العراقي الى القادة والساسة الكبار

في العراق.

لقد كان من حسن الصدف أن نلتقي بجنابك الكريم في السفارة العراقية في لندن، مؤخرا،

بعد إنقطاع خمس سنوات، تواتر خلالها الكثير من الأحداث، بعضها حسن، ولكن معظمها سيء

جدا.

كانت آخر مرة رأيتك فيها في العراق، هي في شهر حزيران من عام 2003، في القصر

الجمهوري في بغداد، حيث كنت حينها أعيش هناك مع زملائي في بيوت سفرية ( كرفان ) منصوبة بحديقة القصر الخلفية وأشتغل كمستشار بالشؤون النفطية، ذلك عندما شرفت حضرتك، وقضيت حوالي ثلاثة أيام. ولعلّي أتذكر بأنك كنت حينها تتداول مع السيد بريمر حول قضايا العراق، بما فيها، ربما، تشكيل مجلس الحكم المؤقت، والذي أصبحت أنت أحد أعضائه.

بعد مرور شهرين من ذلك التأريخ أستقلت أنا من مهمتي، بسبب خيبة الأمل الكبيرة التي

أصابتني، وعدت الى لندن، معتقدا بأني قد أستطيع خدمة بلدي بطريقتي الخاصة؛ أما أنت فبقيت

وأصبحت جزءا من المؤسسة العراقية الحاكمة، ورمزا من الرموز السياسية في عراق ما بعد

صدام.

وبعد مرور خمس سنوات على مايسمى بالعملية السياسية في العراق، لا أرى اليوم إلا عراقاً

يتهاوى، وساسة عصيين على أي توافق ومصالحة، وحكومة فاشلة، وأحزاب وسياسيين متشبثين

بمصالحهم الضيقة، وإقتصاد مشلول، وبنى إرتكازية متهالكة، وبطالة متفشية، وغياب للخدمات

الأساسية للحياة، وإنعدام للأمن والسلام. إنها حالة إنقفال عصّية على الحل، كما يبدو، إذ ليس

هناك حزب أو مجموعة واحدة قادرة على التنازل عن المصالح الفئوية، ولو مليمترا واحدا، من

أجل تشكيل حكومة وطنية من التكنوقراط والخبراء لتدير شؤون الوزارات العاجزة تماما عن

تقديم الخدمات للناس، طالما هي تدار اليوم من قبل سياسيين هواة لا يملكون القدرة ولا الكفاءة!

دكتور الربيعي، أنت بالأساس رجل جيد، ووطني أيضا. ولكنك موجود في وسط معمعة

الفساد المخيفة حاليا واللصوصية الضاربة أطنابها بالجملة لسرقة ثروات العراق العامة، وليس

في هذا طبعا أي إدعاء أو تنويه بأنك رجل فاسد. لا أبدا، إذ لا أزال أتذكر بوضوح، تلك الأمسية

في السفارة العراقية في لندن، حينما ناشدتنا لأن نسأل أنفسنا في نهاية كل يوم عمل، وقبل أن

نؤوي للنوم " أي خير فعلته خلال هذا اليوم من أجل بلدي العراق؟ " وبأننا سنرى بعد هذا

السؤال الذي نطرحه على أنفسنا، بأننا سنخلد الى النوم بضمير مستريح، وذلك عندما يكون

جوابنا على سؤالنا " نعم لقد فعلنا اليوم شيئا جيدا، مهما كان صغيرا،من أجل الوطن". لقد

حركت هذه المناشدة في نفسي شعورا وطنيا عاليا. للمناسبة، تذكّرني مناشدتك تلك بمناشدة كان

قد وجّهها الرئيس الأمريكي الراحل جون كندي الى الشعب الأمريكي حين قال " لا تسأل ماذا تستطيع أمريكا أن تقدم لي، بل ماذا تستطيع أنت أن تقدم الى أمريكا!" ولعلنا نتسائل عن أية فائدة عملية

يمكن أن تجنى للعراق، إذا كان جلّ مانفعله يقع في خانة الحماس والخطاب الرنان، فيما نحن باقون

قابعون في مهاجرنا؟!

هناك الآن آلاف مؤلفة من رجال ونساء العراق الطيبين، وقد إختاروا بأنفسهم منافيهم، وهم

من القادرين والقادرات على إنجاز عظيم الأعمال من أجل إعادة بناء العراق وإحيائه، ولكن هل

بمقدورهم أو بمقدورهن أن يكونوا فاعلين أو فاعلات، وهم أوهن في منافيهم باقون أو باقيات؟ ولربما

سيكون جوابك بأن أبواب العراق مفتوحة لهم جميعا، وإن بإمكانهم المجيء لخدمة بلادهم، كل

حسب مواهبه أو مواهبها، تماما كما أنت فاعل الآن. وجوابي هو إنك الآن جزء من المؤسسة

القائمة، وقد وجدت موقعا مأمونا لنفسك فيها، ولكن كيف يستطيع العراقيون من الذين نأمل

عودتهم، أن يحموا أنفسهم من القتل أوالإختطاف، دع عنك إنشغالهم بخدمة وطنهم بفعالية، طالما

بقيت الحكومة، بذات الوقت، منغمسة بحكم العراق برؤى أنانية وذاتية مفرطة، وبنظرة شائعة

لدى الكثير من عناصرها، لإعتبارالعائدين من المنافي مهددين لسلطاتهم أو تسلطهم الحالي؟

لقد سعدت جدا حينما علمت مؤخرا في الأخبار بأنك مع السيد برهم صالح، نائب رئيس

الوزراء، قد ذهبتما الى البصرة لإستعادة ميناء " أم قصر " من أيدي المليشيات المستحوذة عليه؛

وذلك بتعبئة الجيش العراقي لهذا الغرض. وهذه كانت خطوة مستحقة وقد آن أوانها منذ زمن بعيد، إذ كيف

يمكن إدارة البلاد بصورة صحيحة بينما تتواجد هناك، في الوقت ذاته، مليشيات- مرتبطة أحيانا بعصابات

إجرام تواصل اللصوصية والإختطاف والقتل- تقوم عمليا بتجريد الحكومة المنتخبة من

قدرتها على الحكم، كما تقوم بنشر الفوضى والعبثية في مدن العراق، وخصوصا البصرة

(عاصمة العراق الإقتصادية )، وتجعل أرواح العراقيين وممتلكاتهم في خطر محدّق ودائم.

إن مشكلة سيطرة المليشيات الغير مشروعة والتي يستوجب إستئصالها، تنسحب أيضا – ولربما

بدرجة أشد – على الوزارات العراقية التي أضحت اليوم تحت سطوة أحزاب سياسية معينة.

ويستحضر هذا الأمر للذهن، مثالا؛ وهو في مطلع عام 2005، إبان قيام الجعفري بتشكيل حكومته، حين

إتصل بي مدير عام في مجلس الوزراء، هاتفيا، وعرض عليّ منصب وزير النفط، في الوزارة

تحت التشكيل. وبعد تفكير في الأمر، قررت قبول العرض، وما ذاك إلا لأعلم، بعد حين، بأن تلك

الوزارة، من خلال عملية مساومات تقسيم السلطة، قد أضحت إقطاعية تم تخصيصها لحزب معيّن،

وإن وزير النفط المعيّن سيكون آلة طيّعة بيد ذلك الحزب، صاحب الإقطاعية. وهكذا ذهب

منصب وزير النفط آنذاك للسيد ابراهيم بحر العلوم، ولاشك أن نفوذ والده قد لعب دورا بذلك؛ ولم يطل

الأمر بهذا الوزير إلا أن جرى إستبداله بشخص آخر، يمثل الحزب صاحب الآقطاعية و المسيطر الفعلي على تلك الوزارة، وكأن الوزير أصبح سركالا يأتمر بأوامر شيخه. وبعد أشهر قليلة لاحقة، عندما جرى عرض هذا المنصب عليّ، مرة أخرى، من قبل نفس المدير العام، أنف الذكر، أثناء عملية تغيير وزاري كان يخطط له، رفضت بصورة قاطعة هذه المرة، وشرحت لعارض المنصب برسالة إلكترونية ( أرفق نسخة منها ) بأني سأعود الى العراق، ضمن مجموعة " روّاد الآعمار والتنمية " وإننا ننوي الترشيح، ضمن المجموعة، للبرلمان، في الإنتخابات القادمة في نهاية عام 2005. ولكن، وياللأسى، كان المسرح

السياسي في العراق، آنذاك، خطيرا ومشحونا بالتوظيف الطائفي والعرقي، مما آل الى تكريس

الخيارات على أساس الهويات الشيعية والسنية والكردية. وعلى ذلك، لم تكن هناك فسحة، حتى

ولو صغيرة، لإختيار تكنوقراط مؤهلين ووطنيين، جاءوا لخدمة العراق ولإعادة بناءه، ليس إلا.

أية فرصة يمكن أن تتاح لإنتخاب مثل هؤلاء، في غياب العقل السياسي الحصيف، و في ظل

الشحن المذهبي الطائفي والأثني العرقي؟؟ وعلى ذلك كان لابد أن نخسر الإنتخابات!

إن هذا المسلسل المخجل لسيطرة الأحزاب على وزارات عراقية معينة يجب أن ينتهي؛ بل

والأهم من ذلك، لابد للإستقطاب الفئوي وتقسيم الشعب العراقي في الإنتخابات العامة، مابين

شيعي وسني وكردي، أن يتوقف نهائيا! !

عندما رأيتك في الشهر الماضي سلّمتك مقالا منشورا لي، وهو عبارة عن مذكرة أو نداء موجّه

للبرلمان العراقي يتعلّق بمسودة قانون النفط والغاز. و بعد أسبوعين، حضرت مؤتمرا عن السياسات النفطية في العراق، عقد في باريس. وها أنا أرفق لإطلاعكم نسخة الورقة التي قدمتها في ذلك المؤتمر، كونها تتضمن خارطة طريق لإعادة بناء الإقتصاد العراقي، ولوضعه على طريق التنمية الإقتصادية المستدامة.

ستشهد نهاية العام القادم دورة إنتخابية برلمانية ثانية. وآمل أن أراك هناك في العراق، ولربما

كمنافس، حيث أنوي خوض الإنتخابات مرة أخرى. ويمكن أن أتصورك مرشحا ضمن قائمة

الإئتلاف الشيعي، وأنا ضمن قائمة التحالف الديمقراطي. وليست أسماء القائمة هي المهمة في

الإنتخابات، إنما الذي يجب أن يكون بالغ الأهمية هو أن تكون القائمة مفتوحة للرأي العام

العراقي ليتمعن فيها ويراجعها. إن القوائم المغلقة في الإنتخابات الماضية أفرزت، وأرجو أن

تتفق معي، أشخاصا غير أكفاء، وبعض برلمانيين لا قيمة لهم، فلم يكونوا ممثلين للشعب

العراقي، بل ممثلين للأحزاب و للتنظيمات التي إختارتهم. وكانت النتيجة كارثية على البلد، حتى، بأخف

التعبيرات، إن ماحصل عليه الشعب العراقي من تلك الإنتخابات هو برلمان نفعي، لا علاقة له

بمصالح وحاجات الشعب وتطلعاته وآماله، لأنه كان ولا يزال، مرهون بالسياسات الحزبية

الضيقة، وإن كل ما نتج عنه من إداء كان، بحق، كئيبا بل ومقرفا جداً. إن هذا البرلمان، و بإدائه السيء، سيبقى وصمة بتأريخ العراق السياسي المعاصر.

وحتى ذلك الحين، أصلي الى الله القدير ليحميك ويعينك بكل العزم والقوة لخدمة بلادنا وأهلنا

الأحباء، بصدق.

مع أطيب تحياتي

محمد علي زيني

المرفق المشار إليه في الرسالة أعلاه، و هو رسالة ألكترونية باللغة الآنجليزية موجهة إلى مدير عام في مجلس الوزراء العراقي، بتأريخ 7 آب، 2005 أدناه ترجمتها:

العزيز أبو رسل،

شكرا جزيلا لك لإتصالك الهاتفي صباح هذا اليوم. مرة أخرى، أنا أتشرف

بترشيحي لمنصب في حكومة الدكتور الجعفري، وها أنا أرفق لكم سيرتي الذاتية

التي طلبتها، وهي النسخة الوحيدة لديّ باللغة العربية. على أية حال، أود تكرار ما

قلته لحضرتك عبر الهاتف بشأن العمل مع الحكومة الحالية، كالآتي:

بخصوص منصب مستشار نفطي لرئيس الوزراء الذي أتصلت بي حوله منذ

أسبوع أو عشرة أيام. فأنا أعلمتك بأني غير راغب بتوليه؛ وكنت قد تركت

رقم هاتفي مع سكرتير الدكتور بشّار النهر. ولم أتصل بكم ثانية حول

الموضوع، لأني كنت معتقدا بأن الدكتور النهر قد إبلغكم بموقفي، وإن

الموضوع قد أغلق.

أما بشأن منصب وزير النفط المقترح من قبلكم، فأنا حقا قبلت العرض عندما

أتصلت بي في نيسان الماضي من عام 2005، ولكن لأسباب ما، هي وراء

الأستار، تم إختيار الدكتور بحر العلوم. والآن فات الوقت على هذا الأمر

كثيرا، فأنا، بكل إحترام، أعتذر عن تبوء أي منصب وزاري في حالة قيام

الدكتور الجعفري بأي تعديل وزاري في حكومته.

وكما أخبرتك، فأنا وعدد من زملائي وأصدقائي، ( وكلهم مهنيون

وتكنوقراط)، قد شكلنا كيانا سياسيا تحت أسم " روّاد الأعمار والتنمية "

وسوف نعلن عنه رسميا، خلال اليومين القادمين. لقد وزّعنا حتى الآن ما

يقرب من ثمانية آلاف نسخة من بياننا الإنتخابي داخل العراق، وسوف نوزع

عددا أكبر، وننوي عقد مؤتمرنا العام في بغداد في الشهر المقبل. سيعقد

المؤتمر لمدة يومين؛ يكّرس فيه اليوم الأول لمناقشة المشاكل التي تجابه

العراق حاليا والحلول المقترحة لها. أما في اليوم الثاني فسيكّرس للقضايا

التنظيمية وللجنة الإنتخابات التنفيذية. وسوف تتم دعوة الأحزاب والكيانات

السياسية للمشاركة في اليوم الأول. وبطبيعة الحال، ستكون أنت وزملاؤك

مدعوين؛ وسيسعدني ويشرفني مع زملائي اللقاء بكم جميعا.

وأود أن أشدد، مرة أخرى، على رأييّ بأن المشاكل الجارية في العراق، بما

فيها التمرد، عموما، والتدمير الجاري، وخصوصا للمنشآت النفطية، لا يمكن

حلّها بإستخدام القوة وحدها. إذ لابد من وجود حل سياسي يتناول القضايا التي

تقلق أخوتنا العرب السنة؛ على أن يجري، بالوقت ذاته، عزل الإرهابيين

عنهم. وعلى أحزاب العرب الشيعة والكرد أن يتوقفوا عن التصرّف وكأنهم

المنتصرون، ومن ثم لهم الحق في إحكام سيطرتهم على كافة مفاصل الدولة المهمة دون أشراك الآخرين. ينبغي على جميع الجهات العراقية أن تكون صريحة مع بعضها، وبرغماتية في مناهجها، من أجل الوصول الى حلول توافقية لإنقاذ الموقف؛ ذلك لأن البديل، لا سامح الله، هو تجزأة العراق وضياعه.

أشكرك، مرة أخرى، وأرجو لجهودك النجاح الكامل. حفظ الله العراق. مع

أطيب التمنيات الشخصية.

محمد علي زيني

7-8 – 2005

وفي 18 آذار- 2008 ، بعث الدكتور زيني إلى د. ربيعي رسالة توكيدية كالآتي:

عزيزي الدكتور موفق المحترم

لقد كنت أنتظر منك جواباً على رسالتي و لكن لم يصلني شيئاً منك لحد الآن. سأنتظر لغاية 21 آذار، و حينذاك سيكون قد مر أسبوع كامل على رسالتي لك، أتمنى خلاله استلام جواب أو تعليق منك. بعد ذلك سأقوم بنشر هذه الرسائل مع ترجمتها العربية. أنا أعلم بأني طلبت منك، للمجاملة، أن تسمح لي بنشر هذه الرسائل المتبادلة بيننا، ولكن نظراً لكونك شخصية عامة، فليست هناك، و الحق يقال، حاجة لمثل هذا الأذن، لأن كل ما تقوله أو تكتبه أو تعمله هو ملك للشعب على أية حال. مرة أخرى، أتمنى أن أتسلم منك جواباً مناسباً يخص خططك و أفكارك و آمالك الخاصة ببلدنا و شعبنا. و بهذا ستكون مراسلاتنا أغنى و أكثر تنويراً للشعب. أتمنى لك التوفيق في جهودك، كما أتمنى لشعبنا العراقي الحبيب السلام و التقدم و الأزدهار.

مع أفضل تحياتي الشخصية،

محمد علي زيني

و لقد بعث الدكتور موفق الربيعي الجواب أدناه:

( أبعث هذا الجواب في يوم الجمعة 19/ آذار، بدون الأذن بالنشر )

عزيزي الدكتور زيني،

أشكرك على رسالتك الإلكترونية المفصّلة. إنك عراقي وطني عظيم.

وأنا، بالتأكيد، متفق مع معظم، إن لم يكن كل، ماجاء في رسالتك. أنا أعلم بأننا نواجه مشاكل ضخمة، ولكننا مع ذلك أنجزنا الكثير. وأود أن أطمأنك بأني سوف

لن أخوض الإنتخابات القادمة ضمن قائمة شيعية مغلقة. لقد سعدت بما

أفصحت به رسالتك من شجاعة، و أخلاص، وصراحة، وحزم. لقد أفدت كثيرا من

رسالتك هذه لأني وجدت نفسي فيها، وإن ما فيها يعبر عن أفكاري. كان أمامي

خيار واحد، فأما أن أتخاذل وأهرب بعيدا، أو أن أصمد وأحاول إصلاح

ما يمكنني إصلاحه. صدقني سيد زيني، ليس هناك أقرب الى قلبي من

مغادرة الحكومة. خذها مني بأن جميع الطاقم السياسي فاسد بطريقة أو

أخرى، ونحن بحاجة الى ثورة لتغيير هذه الفئة السياسية بكاملها. ولكن، ليس

أمامي الآن سوى الجلد والصبر، لحينما تحين فرصة التغيير الحقيقي، بينما

سأبقى لإداء واجباتي، محاولا تقليل الأضرار الى أدنى مايمكن. وليحفظ الله

العراق.

أخوك موفق

فأجاب الدكتور زيني على الرسالة أعلاه، برسالته بنفس التأريخ، أي في

19/3/2008. كالآتي:

عزيزي الدكتور موفق،

لقد سعدت جدا لجوابك هذا. ففيه مايعكس طبيعتك الطيبة، ويداوي الى

حد بعيد بعض الجراح الفاغرة. إن أشخاصا من أمثالك، ممن ذهبوا بعيدا

وبزخم كبير في العملية السياسية، بعد سقوط نظام صدام، قد تعلموا، الآن،

الكثير وراكموا خبرات عظيمية وثمينة، مما يمكن توظيفها لصالح البلاد.

ونصيحتي لك هي أن لا تتخلى عن الكفاح الذي تخوض غماره الآن، بل أن

تواصل المسيرة، حيث يمكنك. ألا و قد أصبحت مسلحاً بهذه الخبرة الكبيرة، يمكنك الآن أن تقدم، خلال المنعطف القادم، خدمة عظيمة للعراق، ولأهلنا الأحبة العراقيين، بينما تواصل وأنت في منصبك الحالي المساعدة في إصلاح الأخطاء،

طالما بقي هدفك، في دخيلة نفسك، هو تقديم المساعدة المخلصة للبلاد، وليس لتحقيق منافع دنيوية خاصة.

بخصوص ماذكرته بعدم منحك إياي الأذن لنشر هذه المراسلة، أود أن أعيد

التأكيد عليك، بأنك الآن شخصية عامة وبارزة، وإن إعلان أو نشر مثل هذه

الحوارات معكم سوف يساعد الشعب العراقي على فهم ما جرى ويجري من

أخطاء وإصابات في إدارة شؤون البلاد. فضلا عن إن مثل هذه الشفافية

ستمنحهم الأمل بأن هناك من يعمل بصدق لإنقاذ ما بقي من العراق، ولتوجيهه بالإتجاه الصحيح، نحو تطور هادف، غايته عراق موحد، وقوي، وغني، وشعب سعيد، متصالح مع نفسه و يعيش بسلام مع بقية العالم.

الدكتور محمد علي زيني

وبدوره رد الدكتور الربيعي بنفس اليوم على الرسالة أعلاه بكلمة شكر كما يلي:

شكراً لك يا سيد دكتور زيني.

Dr Mowaffak al Rubaie
Iraq's National Security Advisor

Last Call To Parliament

نداء أخير إلى مجلس النواب العراقي

الله الله بنفط العراق ووحدة العراق

د. محمد علي زيني

خبير في النفط والاقتصاد

مركز دراسات الطاقة العالمية – لندن

عجالة في إصدار القانون

سيبدأ مجلس النواب هذه الأيام بمناقشة مشروع قانون النفط والغاز الذي صادق عليه مجلس الوزراء في شهر تموز الماضي. ولقد أُشبع هذا القانون نقاشاً من قبل العديد من الكتاب والمثقفين وخبراء النفط والتجمعات المدنية ونقابات عمال النفط، ونُشرت المقالات والبيانات بهذا الشأن تُبين مثالب القانون في صيغته المقترحة وتدعو إلى تعديل العديد من مواده لكونها لا تصب في مصلحة الشعب، كما تدعو إلى تأجيله لأنه لا يستحق أن يوضع في الوقت الحاضر على رأس قائمة القوانين الواجب إصدارها في هذا الظرف العصيب والعراق تحت الاحتلال، والعنف والفوضى يعصفان به من كل جانب، والفساد قد استشرى في كافة أنحاء البلاد وأصبح ينخر بجميع مفاصل الدولة، وهُجرت أو هاجرت الملايين من الشعب العراقي المظلوم.

نعم، إن هذا القانون لا يستحق التشريع الآن لأسباب عدة ذكرناها ولسبب وجيه آخر هو أن هذا القانون سوف لن يقدم أو يؤخر في مستوى الإنتاج النفطي لسنوات عديدة قادمة، في حين يمكن مضاعفة الإنتاج الحالي من الحقول المنتجة بالوقت الحاضر بكلفة أقل ومدة أقصر وبدون شريك أجنبي، فلم إذن هذه العجالة ؟

إن تشريع هذا القانون بمثالبه ونواقصه التي يشرعنها الدستور العراقي الحالي المملوء هو الآخر بالعديد من المثالب والنواقص ويحيط مواده غموض متعمد يجعل تفسيرها مختلفاً ولربما متناقضاً حسب الاتجاهات والأهواء – كما يجري الآن تفسيرها من قبل الإقليم الكردي – والمطروحة حالياً مواده للتعديل، بما فيها المواد المتعلقة بالنفط، أقول أن تشريع هذا القانون يستحق التصدي له من جانب كل عراقي غيور على بلده وشعبه.

أهمية هذا القانون

إن هذا القانون – كما ذكر كاتب هذه السطور في مقال سابق نشر قبل أشهر في هذه الجريدة – لا يفوق أهميته سوى القانون الأعلى في البلاد وهو الدستور. فهناك مسألتان تحتمان إيلاء هذا القانون أهمية قصوى: الأولى هي أن الحكومات العراقية التي جاءت لحكم العراق لم تعط وزناً كبيراً لاستغلال موارد البلد النفطية من أجل تطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية كالزراعة والصناعة والخدمات وخلق حالة من النمو الاقتصادي المستدام لا يتم الاعتماد فيها بصورة رئيسية على ما يدره القطاع النفطي من موارد مالية. بل على العكس من ذلك تعرضت القطاعات الاقتصادية الأخرى، وعلى الأخص القطاع الزراعي، إلى إهمال كبير واستمر الاتكال على العوائد النفطية لتمويل ميزانيات الحكومة السنوية، وكمصدر للعملات الصعبة تمكن البلد من الاستيراد المتزايد لحاجاته الغذائية والمواد المصنعة والخدمات. أما المسألة الثانية فهي تراجع الاقتصاد العراقي تراجعاً رهيباً ثم انهياره بالنهاية تحت وطأة الحروب والحصار الاقتصادي، وكذلك تعرض البنية التحتية العراقية إلى تدمير يكاد يكون كاملاً خلال ثلاثة حروب كان أكثرها دماراً حرب الخليج الثانية التي تلت غزو الكويت.

ولقد نتج عن ذلك الدمار الهائل ازدياد الاعتماد على القطاع النفطي في تمويل الميزانيات الحكومية والاستيراد وفي إعادة بناء البنية التحتية واستئناف عملية التنمية الاقتصادية التي توقفت منذ نشوب الحرب مع إيران. إن تلك العمليات مجتمعة ستتطلب مئات المليارات من الدولارات على مدى عقد ولربما عقدين من الزمان حتى يتم خلالها إعمار البلاد وبناء قاعدة اقتصادية واسعة و متينة تستند إلى قطاعات اقتصادية نشطة ومتنوعة تدر من جانبها على الدولة إيرادات مالية ضريبية تغنيها عن الاعتماد على النفط. وسيتحمل العبء الأكبر خلال مدة العقدين القادمين في توفير الأموال الهائلة المطلوبة هو القطاع النفطي، يعاونه في ذلك بدرجة أقل الاستثمار الأجنبي المباشر (Foreign Direct Investment)، والذى سيرعاه ويشجعه – كما هو مفترض – قانون الأستثمار الذى تم أصداره، وكذلك الإعانات والقروض في فترة السنين الأولى من هذه المدة. ومن هنا تتجلى أهمية النفط العراقي في إعادة إعمار البلاد وإنعاش الاقتصاد ودفعه على سكة النمو والتطور، هذا فضلاً عما سيضفيه النفط العراقي، بغزارته التي لا تدانيها سوى غزارة النفط السعودي، على العراق من هيبة وسطوة ونفوذ في عالم يزداد عطشه إلى الطاقة كلما مرت السنون، وتتنافس فيه على نفوط الشرق الأوسط عمالقة الصناعة على رأسها أمريكا من جانب والصين والهند من جانب آخر.

مضاعفة الإنتاج دون الحاجة لشريك

ينتج العراق حالياً نحو مليوني برميل يومياً تتذبذب قليلاً بين صعود ونزول، ولربما أصبح النزول هو الغالب الآن نظراً لقلة الصيانة وانعدام الأمن وتفشي الفوضى واستشراء الفساد وهبوط الحالة المعنوية لدى العاملين في القطاع النفطي، في حين كان مقرراً ومتوقعاً استعادة القدرة الإنتاجية السابقة للغزو وهي 2.8 مليون برميل يومياً في منتصف سنة 2004، ثم الصعود بتلك القدرة إلى أربعة أو خمسة ملايين برميل يومياً في غضون الثلاث إلى أربع سنوات التي كانت ستلي 2004.

غير أن الأمور لم تجر كما كان مخططاً للأسباب التي ذكرناها، وأصبحت وزارة النفط تتخبط الآن بين العمل مع بنية تحتية نفطية متهرئة نتيجة الخراب المستمر والإهمال وغياب الصيانة وحقول نفطية يتراجع إنتاجها نتيجة سوء الإدارة الفنية التي بدأها النظام السابق في ظل الحصار، وبين إصدار قانون للنفط والغاز يمكن اللجوء بواسطته إلى شركات النفط العالمية من أجل زيادة الإنتاج. على أن قرار الحكومة العراقية، ومنها وزارة النفط، كما يبدو من ماجريات الأحداث، هو إصدار قانون النفط المقترح والاندفاع نحو الشركات الأجنبية لزيادة الإنتاج لأسباب ليس أقلها الاستجابة لضغوط الإدارة الأمريكية التي اعتبرت إصدار هذا القانون هو أحد المؤشرات المهمة لأهلية الحكومة في الاستمرار بالحكم.

إن وزارة النفط العراقية تريد التعاقد مع الشركات الأجنبية سواء صدر القانون أم لم يصدر، كما صرح وزير النفط في الشهر الماضي. وستشمل هكذا عقود استكشاف وتطوير وإنتاج حقول جديدة في الرقع الاستكشافية المعروضة في جدول رقم (4) من ملحق القانون. على أن جل الذي سيجري – باعتقادنا – هو أن الشركات ستضع العقود في جيوبها وتنتظر حتى يعم الأمن داخل العراق. ثم تقوم بعد ذلك بأعمالها تنفيذاً لتلك العقود، حتى إذا تم اكتشاف حقول جديدة ستقوم الشركات بتطويرها وإنتاجها على وجه السرعة، كعادتها أينما ذهبت، لكي تسترجع أموالها التي صرفتها في عمليات الاستكشاف والتطوير، ولتقوم بعد ذلك بجني الأرباح. وسيصبح هذا الإنتاج منافساً لإنتاج شركة النفط الوطنية من الحقول الحالية، وفي حال قيام منظمة الأوبك بوضع سقف محدد لإنتاج العراق – عند الحاجة للسيطرة على الأسعار – مما يستوجب الالتزام بقرار المنظمة وخفض الإنتاج إن تطلب الأمر ذلك، فإن شركة النفط الوطنية هي التي ستضطر من جانبها لتخفيض الإنتاج، ذلك أن الشركات الأجنبية سوف لن تقبل بتخفيض إنتاجها فهي لا تريد المشاركة في تحمل الأضرار الناجمة عن مثل هذا التخفيض.

إن قيام شركات النفط بالتعاقد من أجل الاستكشاف والتطوير والإنتاج سوف لن يفيد العراق بل يضرّه. ذلك أن شركة النفط الوطنية – في حالة توفر الأمن اللازم – يمكنها الصعود بالقدرة الإنتاجية للعراق إلى ستة أو ثمانية أو حتى عشرة ملايين برميل يومياً من الحقول الحالية المطورة وغير المطورة إن هي أرادت ذلك، وبالتعاون مع شركات أجنبية مع الحفاظ على مصالح العراق الوطنية، كما حدث في نهاية سبعينات القرن الماضي حيث قامت شركة النفط الوطنية آنذاك بزيادة قدرة العراق الأنتاجية الى نحو أربعة ملايين برميل يوميا، كما أضافت 45 مليار برميل الى احتياطيات العراق النفطية الثابتة ضمن حقول عديدة، منها حقول عملاقة كحقل مجنون و غرب القرنة و شرقى بغداد. وقد حدث ذلك بمساعدة شركات فرنسية وبرازيلية وهندية و غيرها، وبواسطة عقود خدمة تمت مع تلك الشركات.

نعم، ان احتياطيات العراق الحالية والبالغة 115 مليار برميل يمكنها مساندة عشرة ملايين برميل يومياً ولربما أكثر. ذلك إن إنتاج عشرة ملايين برميل يومياً من احتياطيات قدرها 115 مليار برميل تمثل نسبة استنزاف (Depletion Rate) لا تتجاوز %3 فقط في حين أن نسبة استنزاف احتياطيات روسيا هي %4.5 وأمريكا %8 والنرويج %12 والمملكة المتحدة %18. ونظراً للقدرة الإنتاجية الكبيرة (عشرة ملايين برميل يومياً) التي يمكن الوصول إليها بواسطة شركة النفط الوطنية من الاحتياطيات الحالية وإمكانية الاستمرار بهذا المستوى من الإنتاج لمدة عقدين من الزمن على الأقل، يصبح قيام الشركات الأجنبية باستكشاف وتطوير وإنتاج حقول إضافية جديدة في هذا الوقت عملاً فائضاً لا حاجة له. على أنه ستنشأ الحاجة إلى الاستكشاف بعد مدة قد تربو على العشرين سنة في المستقبل عندما تبدأ إحتياطيات العراق النفطية بالانخفاض بصورة لا يمكن معها الاستمرار بهذا المستوى من الإنتاج ما لم تضاف احتياطيات جديدة بواسطة الاستكشاف. هذا وإذا كان إنتاج العراق ثمانية أو ستة ملايين برميل يومياً بدلاً من عشرة فإن نسبة الاستنزاف ستكون أقل طبعاً، وسوف لن تنشأ الحاجة إلى احتياطيات جديدة عن طريق الاستكشاف إلا بعد مرور فترة زمنية أطول قياساً بمستوى إنتاج يومي أعلى ونسبة إستنزاف أكبر كما هي الحالة عند إنتاج عشرة ملايين برميل يومياً كما قلنا.

هذا و ينبغي أن نبين هنا فرقا جوهريا بين قيام شركة النفط الوطنية باستكشاف ثم إضافة إحتياطيات نفطية جديدة بواسطة عقود الخدمة كما ذكرنا و بين أضافتها بواسطة عقود المشاركة بالأنتاج كما يجري حاليا في الأقليم الكردي. ففي الحالة الأولى يضاف الأحتياطي المكتشف الى الأحتياطيات الموجودة دون ضرورة تطويرالمكتشف وأنتاجه إلا عند نشوء الحاجة لذلك في المستقبل، أما في الحالة الثانية فيجب تطوير و إنتاج المكتشف حتى و لو لم تكن هناك حاجة لذلك، و هذا ما تتطلبه طبيعة عقد المشاركة بالأنتاج. لذلك نرى أن عمليات الأستكشاف و التطوير و الأنتاج قائمة حاليا على قدم و ساق في الأقليم الكردي، و سيحدث مثل هذا في الوسط والجنوب في حالة نشوء أقاليم في تلك المناطق. و هذا سيضر طبعا ضررا بليغا بالأقتصاد العراقي، حيث أن ما تم اكتشافه سابقا، من قبل شركتي نفط العراق و نفط البصرة المؤممتين و شركة النفط الوطنية التي تلتهما، نحو 80 حقلا حتى نشوب الحرب مع أيران، ولم يطور من تلك الحقول سوى 20 حقلا باحتياطي متبقي قدره الآن نحو 45 مليار برميل يتم أنتاج النفط العراقي منها في الوقت الحاضر، و يبقى ستون حقلا غير مطور يجب تطويرها بموجب خطة أقتصادية مدروسة، فكيف يقوم الأقليم الكردي لوحده بعمليات أستكشاف و تطوير حقول جديدة و هناك ستون حقلا يبلغ خزينها النفطي نحو 70 مليار برميل تنتظر التطوير و الأنتاج؟ أليس العراق دولة واحدة، حتى ولو كانت فيدرالية، كما هو مفروض؟ أم أن ما يحدث الآن في الأقليم الكردي هو لغايات في نفس يعقوب؟ ثم ينبغي على وزير النفط الكردي الذي يقول بأن ذلك الذي يحدث إنما هو لصالح الشعب العراقي أن يسكت، لأن في ذلك أهانة لذكاء الشعب العراقي!

تطوير النفط العراقي بواسطة شركة

النفط الوطنية هو الأقل كلفة والأقصر مدة

لو فرضنا جدلاً، ومن أجل المقارنة فقط، أن الشركات الأجنبية ستتعاقد في الوقت الحاضر لرفع إنتاج العراق بمقدار مليوني برميل يومياً وأنها ستدخل العراق وتبدأ العمل حتى مع استمرار الحالة الأمنية السيئة، وهذا باعتقادنا لن يحدث، فان إنتاج العراق من النفط سوف لن يزداد بالسرعة المتوخاة. ذلك أن قيام الشركات بتطوير حقول جديدة عن طريق الاستكشاف لكي تنتج مليوني برميل يومياً سيستغرق حوالي سبع سنوات وبكلفة قد تصل إلى 30 مليار دولار أو أكثر. وإذا قارنا ذلك مع ما ستنجزه شركة النفط الوطنية – بعد إعادة الحياة إليها بقانون جديد – سنرى إن خيار اللجوء إلى العمل الوطني بواسطة شركة النفط الوطنية هو الأفضل والأقصر مدة والأرخص بكثير.

وسبب ذلك أن هذه الشركة ستصب جهودها نحو إعادة تأهيل البنية التحتية المهملة حالياً وكذلك توسيعها لكي تتعامل مع الطاقة الإنتاجية الجديدة. كما ستقوم هذه الشركة بإدارة الحقول المنتجة – وبالأخص حقلي الرميلة وكركوك – بالطرق الفنية الأصولية على ضوء ما توصلت إليه الدراستان اللتان أنجزتهما مؤخراً شركتا (BP) و(Shell) لهذين الحقلين العملاقين، وكذلك زيادة إنتاج حقل الرميلة بما لا يقل عن نصف مليون برميل يومياً بموجب توصيات شركة (BP) المستندة إلى الدراسة المكمنية التي أجرتها لهذا الحقل.

وستقوم شركة النفط الوطنية بتطويرات إضافية لبعض الحقول المنتجة حالياً لزيادة إنتاجها بنحو مليون برميل يومياً بواسطة حفر آبار جديدة ضمن حدود الحقل (Infill Drilling) واستغلال طبقات نفطية جديدة (New Pay Zones) وكذلك إعادة تأهيل آبار محفورة من قبل وتدهور إنتاجها بمرور الزمن (Well Workovers). ومن أجل زيادة الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً مع تعويض الانخفاض الطبيعي بالإنتاج (Natural Decline) ستقوم الشركة بإكمال تطوير بعض الحقول المنتجة حالياً والغير كاملة التطوير بضمنها حقول نهر عمر ومجنون وغرب القرنة وأبو غراب ... الخ (طبعاً تتمكن الشركة من تطوير قدرة إنتاجية إضافية أعلى بكثير من مليوني برميل يومياً التي نتحدث عنها ههنا، ولكن حصرنا الإضافة بهذا الرقم لكي تصح المقارنة مع حالة شركات النفط الأجنبية التي افترضنا أنها هي الأخرى ستقوم بإضافة مليوني برميل يومياً لقدرة العراق الإنتاجية).

فمن حيث الكلفة سنرى أن كلفة تطوير المليوني برميل من قبل شركة النفط الوطنية سوف لن تتجاوز 10 15 مليار دولار بضمنها إعادة تأهيل البنية التحتية الحالية وتوسيعها. أما من حيث الوقت فإن هذه الشركة سوف لن تستغرق بالعمل أكثر من سنتين إلى ثلاث سنين نظراً لعدم الحاجة إلى عمليات الاستكشاف من جهة وكذلك عدم الحاجة إلى بناء بنية تحتية كاملة من جهة أخرى مثلما تحتاج شركات النفط الأجنبية. وفوق كل هذا وذاك سيكون إنتاج شركة النفط الوطنية خالصاً بكامله إلى العراق وبإدارة وطنية مقارنة بحالة شركات النفط الأجنبية التي ستشارك العراق بالإنتاج من جهة كما ستبقى الحقول تحت إدارة أجنبية لمدة قد تطول إلى 30 سنة أو أكثر من جهة أخرى.

فإذا كان الأمر كذلك فلماذا هذا اللهاث المحموم لإصدار قانون نفط مليء بالمثالب والنواقص وفي ظل ظروف رهيبة يودع فيها الشعب العراقي عشرات الشهداء يومياً وتسيل دماء العراقيين في الشوارع أنهاراً ويستمر تشريد العراقيين داخل العراق وخارجه حتى تجاوز عددهم الأربعة ملايين فرد وينتشر الفساد في جميع مفاصل الدولة وتهريب النفط إلى خارج العراق يستمر على قدم وساق والشعب يعاني من البطالة والجوع ونقص الخدمات الأساسية وحتى من شحة الماء الصالح للشرب؟ ولماذا الركض وراء شركات النفط الأجنبية في هذا الوقت بالذات، كما جرى في دبي في بداية شهر أيلول من هذا العام، ولا تعاد الحياة إلى شركة النفط الوطنية بأسرع وقت وهي التي ستنجز ما هو مطلوب بوقت أقصر وكلفة أقل؟ أليس من الأفضل التريث لسنة واحدة أو أكثر أو أقل حتى يتم التوصل إلى حل سياسي معقول لحكم البلد واستعادة السلام داخل العراق ورجوع العراقيين المشردين إلى وطنهم وبيوتهم وتوفير الخدمات الأساسية للناس حتى يستعيد الشعب وعيه لينظر بعد ذلك فيما يصدر من قوانين، ومن بينها قانون النفط والغاز وهو الأهم والأخطر فيما بين كل القوانين نظراً لمساسه المباشر بحياة الشعب ومستقبله؟

مثالب وعيوب

لا نريد هنا شرح مثالب ونواقص مشروع القانون ومنها (1) اقتراح تكوين المجلس الاتحادي للنفط والغاز على أسس طائفية وعرقية وهو أهم هيئة نفطية سيتم استحداثها في ظل القانون الجديد (2) ضرورة موافقة هذا المجلس بالإجماع - وستكون هذه مشكلة عويصة - لتعيين أعضاء المكتب المقترح للخبراء المستقلين (3) تقديم مشروع القانون – بعد موافقة مجلس الوزراء الخاطفة – إلى مجلس النواب خالياً من الملاحق الأربعة التي كانت جزءاً من القانون وهي تحتوي جميع حقول العراق المكتشفة وكذلك جميع الرقع الاستكشافية (أي كل ما يحتويه العراق من نفط) مع نقل سلطة تقرير محتويات تلك الملاحق من مجلس النواب وهو السلطة التشريعية الممثلة لكل الشعب إلى المجلس الاتحادي للنفط والغاز الذي يقترحه القانون والذي سيكون تابعاً لمجلس الوزراء وهو سلطة تنفيذية قد تكون لها توجهات سياسية معينة (4) عدم انتظار التعديلات الدستورية والتي ستمس جوهر القانون (5) عدم حصر صلاحيات منح تراخيص التنقيب والتطوير والإنتاج بالحكومة الاتحادية باعتبارها الممثلة الوحيدة لكل الشعب وإن النفط والغاز بموجب الدستور هو ملك كل الشعب (6) إغفال القانون لقطاعات تصفية النفط وتوزيع المنتجات النفطية وصناعة الغاز وترك ذلك لرحمة بيروقراطية وزارة النفط (7) عدم الحاجة لموافقة مجلس النواب على العقود التي ستبرم مستقبلاً مع شركات النفط الأجنبية مهما بلغت قيمتها أو أهميتها (8) اقتصار مسؤولية شركة النفط الوطنية على الحقول الحالية فقط وترك الباقي لتصرف الإقليم والمحافظات علماً أن ما سيكتشف مستقبلاً قد يتجاوز ضعف ما هو مكتشف حاليا (9) خلو القانون من الالتزام بسقف معين للإنتاج تحدده متطلبات خطة اقتصادية إستراتيجية شاملة لعموم العراق مما يستتبع ذلك تحديد أولويات الاستكشاف والتطوير وعدم ترك ذلك لمشيئة الإقليم والمحافظات ومصالح شركات النفط الأجنبية (10) عدم الزام الشركات المتعاقدة باستثمار جزء من كلفة العقد باحد القطاعات الأقتصادية، كالصناعة مثلا، كوسيلة لنقل التكنولوجيا و خلق فرص عمل جديدة، كما يجري الان في الخليج العربي بموجب برامج المبادلة.(Offsets Programs)

نعم، لا نريد الدخول مرة أخرى في معمعة تلك العيوب والثغرات وتكرار الجدل بشأنها، ولكننا نريد التعرض هنا إلى مثلب واحد فقط، وهو إناطة مسؤوليات التنقيب والتطوير والإنتاج للاحتياطيات النفطية والغازية غير المكتشفة – وهي قد تربو على ضعف احتياطيات العراق الحالية كما قلنا – بحكومات الإقليم والمحافظات، وبمعزل عن الحكومة الفيدرالية، وهذا ما تقوم به حكومة الإقليم الكردي حالياً وهو التعاقد مع شركات النفط الأجنبية على أساس المشاركة بالإنتاج(Production Sharing) وبشروط سخية.

إن إعطاء صلاحيات منح تراخيص التنقيب والتطوير والإنتاج المتعلقة باحتياطيات النفط العراقية الغير مكتشفة وذات الحجم الهائل إلى حكومات الإقليم والمحافظات بمعزل عن الحكومة الفيدرالية هو إجحاف كبير بحقوق الشعب العراقي وإهدار فاضح لثرواته النفطية. ذلك أن الإقليم والمحافظات، وهي قليلة الخبرة بشؤون النفط والغاز، سوف تصبح فريسة سهلة لشركات النفط ذات الممارسات والخبرات الطويلة في شؤون النفط والغاز بأنواعها المختلفة وبضمنها الشؤون القانونية المعقدة في صياغة العقود والالتفاف على الشروط الموضوعة من قبل الطرف الآخر. أضف إلى ذلك أن الإقليم والمحافظات تتمتع بموجب الدستور العراقي الحالي بسلطات إصدار قوانين محلية تعلو على القوانين الفيدرالية في حالة التعارض بينها، الأمر الذي سيقود إلى التصادم فيما بين الإقليم والمحافظات من جهة والحكومة الفيدرالية من جهة أخرى، وما الخلاف المشتد في الوقت الحاضر بين الإقليم الكردي ووزارة النفط العراقية إلا مثال صغير ومقدمة بسيطة لما سيحدث من صدامات بالمستقبل. وستنشب الخلافات والصدامات فيما بين المحافظات نفسها في خضم الفوضى العارمة التي ستقوم بتأجيجها قوانين المحافظات المتضاربة وكذلك بسبب وجود العديد من الحقول العابرة لحدود المحافظات وحتمية الاختلاف على ملكيتها أو ملكية أجزاء منها.

إن الصدام فيما بين المحافظات في غياب سلطة الحكومة الفيدرالية، خصوصاً إذا كانت تلك الحكومة ضعيفة، سوف يؤدي إلى تفتيت العراق. إن هذا الصدام سوف لن يكون عسير الوقوع إذا علمنا أن العراقيين أصبحوا من الآن يقتتلون فيما بينهم ضمن المحافظة الواحدة كما يجري هذه الأيام في محافظة البصرة. ففي تقرير صدر مؤخراً من قبل مجموعة الأزمات العالمية (International Crisis Group) زارت البصرة حديثاً جاء ما خلاصته: إن البصرة وهي ميناء البلد الوحيد وعاصمة العراق الاقتصادية حيث يكمن نحو %60 من موارد العراق النفطية هي مبتلاة الآن بإدارات سيئة تستغل سلطاتها من أجل الإثراء وإفادة الأحزاب والتنظيمات التي تنتمي إليها، وهي مبتلاة أيضاً بالاغتيالات السياسية والثارات العشائرية وغياب القانون والأمن في المناطق السكنية مع فرض طرق الحياة التي تفضلها الأحزاب الدينية في تلك المناطق وكذلك مبتلاة بازدهار مافيات الجريمة. هنالك في البصرة تتقاتل الميليشيات أو التنظيمات العسكرية التابعة للأحزاب السياسية فيما بينها وبالتعاضد مع عصابات الجريمة للسيطرة على مناطق المدينة والهيمنة على ثروات المحافظة الغنية بالنفط من أجل استحواذ كل منها على الحصة الأكبر من الأموال المتأتية من سرقة النفط، وخصوصاً من تهريب المنتجات النفطية إلى خارج العراق، وهي شحيحة أصلاً وتصرف الحكومة بلايين الدولارات سنوياً من أجل استيرادها.

دستور لا يمكن تعديله؟

يمكن القول إن ما يجري الآن في إقليم كردستان من منح تراخيص الاستكشاف والتطوير والإنتاج لشركات النفط الأجنبية يجري بصورة قانونية، إذا كان الأصل هو الالتزام الحرفي بالدستور العراقي بصيغته الحالية. ذلك أن حكومة الإقليم الكردي تستند في إجراءاتها تلك إلى الفقرة الأولى من المادة رقم (112) من الدستور والتي تنص كما يلي: « تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الإقليم والمحافظات .. الخ »، إن المادة هذه بمنطوقها الحالي تعطي الحق في إدارة الحقول المستقبلية (وهي حقول غير حالية لكونها ستكتشف بالمستقبل) إلى حكومات الإقليم والمحافظات المنتجة مع حرمان الحكومة الفيدرالية من الاشتراك في تلك الإدارة.

إن هذه الفقرة بالذات هي التي تستند إليها حكومة الإقليم الكردي في التعاقد مع شركات النفط الأجنبية، وقد وصلت العقود المبرمة إلى خمسة عقود أضيف إليها مؤخراً أربعة عقود أخرى ليصبح مجموعها تسعة عقود لغاية الوقت الحاضر، وتعتزم تلك الحكومة زيادتها إلى نحو 15 عقد من أجل الوصول إلى إنتاج مليون برميل يومياً في غضون الخمس سنوات القادمة. لذلك يمكن التسليم بأن ما يقوله وزير النفط الكردي اشتي حورامي صحيح بقدر تعلق الأمر بتلك الفقرة .

و يلطف الوزير الكردي قوله ذاك بذكر أن العوائد المالية المتأتية من تلك العقود هي ملك الشعب العراقي وستوزع عليه بموجب ما يمليه القانون، ولكنه لا يذكر أن جميع تلك العقود أبرمت على أساس المشاركة بالإنتاج – و إن هكذا أنتاج سيكون فائض عن الحاجة حسب تحليلنا أعلاه – و إن تلك العقود منحت بشروط سخية جداً (ربما لأسباب سياسية) وهذا العمل بحد ذاته ضار بمصلحة الشعب العراقي ومخالف للفقرة الثانية من المادة (112) من الدستور والتي تنص كما يلي: « تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي .. الخ » فأين إذن هي السياسات الاستراتيجية التي تم رسمها بموجب هذه الفقرة والتي تحقق أعلى منفعة للشعب العراقي و تسير على هداها حكومة إقليم كردستان؟ وحتى الفقرة الأولى من المادة (112) التي تمنح حكومة إقليم كردستان حق التصرف بالحقول المستقبلية نرى أنها قد خُرقت هي الأخرى لكون أن ذلك التصرف يتنافى مع الطرق الأصولية فى استعمال الحق، إذ يتبين أن هناك امعان واضح بالميل الكامل نحوالعقود الأعلى كلفة و الأطول مدة و بشراكة أجنبية قد تكون ضارة بمصلحة البلاد مع وجود عقود أستكشافية أخرى قد تكون أقل أذى، فهو إذن خرق للدستور يقع فقهياً تحت طائلة (التعسف في استعمال الحق). ذلك من جهة، و من جهة أخرى فإن التصرف الذي يتم بموجب هذه الفقرة لا يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي، وهذا خرق واضح لما تذهب إليه الفقرة الثانية من هذه المادة.

إن الغموض الذي يكتنف العديد من مواد الدستور العراقي الحالي جعل هذا الدستور حمّال أوجه تفسره الأطراف كيفما تريد. كما أن حذف بعض المواد التي تصون حقوق المرأة مثلاً أو عدم إعطاء الحكومة الفيدرالية صلاحية فرض الضرائب كمثل ثاني، وإدخال فقرات لتغليب سلطات الإقليم والمحافظات على السلطات الفيدرالية كمنح حق إدارة الحقول المستقبلية إلى حكومات الإقليم والمحافظات دون الحكومة الفيدرالية كمثل ثالث وإعطاء قوانين الإقليم والمحافظات درجة الأولوية على القوانين الفيدرالية في حالة الخلاف بينهما كمثل رابع، نقول أن تلك الإجراءات جعلت الدستور كسيحاً لا يمكن أن يلبي طموحات الأكثرية من الشعب. ولقد أُدخل ذلك الغموض بتعمد وتمت الإضافات والحذف والتحويرات وراء أبواب مغلقة من قبل القيادات السياسية عن طريق المساومة لإرضاء مصالح هذا الطرف أو ذاك دون الالتفات إلى مصالح الشعب العراقي وهو الأصل ومصالحه هي سيدة المصالح بامتياز! إن ما حصل للدستور قبيل عرضه على الشعب العراقي المغيّب جعل منه دستوراً أعوجاً لابد من معالجته عن طريق التعديل.

ولكن كيف يعدل هذا الاعوجاج وقد تضمن ميكانزم يمنع التعديل إذا شاءت ذلك أقلية من الشعب، وهو أن بمقدور ثلاث محافظات منع التعديل إذا صوت ضد التعديل ثلثا أو أكثر من ثلثي مَن لهم حق التصويت في تلك المحافظات! وهذا بالضبط ما فاه به السيد أشتي حورامي وزير نفط كردستان في ندوة دبي التي جرت في نيسان الماضي بين فريق من مجلس النواب العراقي ومجموعة من خبراء النفط العراقيين (كان كاتب هذه السطور واحداً منهم)، إذ جزم ذلك الوزير بأن الدستور لن يعدل، وقد كان يفكر بالتأكيد بقدرة المحافظات الكردية الثلاث على منع أي تعديل قد يقلل من سلطات إقليم كردستان أو يجعل سلطات الحكومة الفيدرالية هي السائدة، كما هي الحالة الاعتيادية في فيدراليات الأقطار الأخرى في العالم ومن بينها فيدرالية الولايات المتحدة الأمريكية.

تعديل القانون يستلزم تعديل الدستور

لقد أشرفت الإدارة الأمريكية على الصياغة العامة لمشروع قانون النفط والغاز العراقي بواسطة ممثلتها شركة(Bearing Point) وأن أول من اطلع على مسودة القانون عند اكتماله – بنسخته الانكليزية طبعاً وهي تختلف عن النسخة العربية كما يقول بعض الكتاب – وأنعم عليه ببركاته هي الإدارة الأمريكية وشركات النفط العالمية وصندوق النقد الدولي. ثم جرت، إضافة لذلك، وراء أبواب مغلقة كالعادة، تغييرات لبعض نصوص النسخة العربية وبما تشتهي بعض الفئات ذات المصالح الخاصة، الأمر الذي دفع خبيرين من الخبراء العراقيين الثلاثة الذين كتبوا الدستور إلى التنصل من صيغته الحالية. ولم يفوّت أقطاب الإدارة الأمريكية وعلى رأسهم السيد جورج بوش فرصة إلا وألحّوا بها على الحكومة العراقية لإصدار القانون، وما فتئوا يفعلون ذلك. وحتى الكونغرس الأمريكي دس أنفه هو الآخر في هذا الأمر حتى أنه قسى في جلسة من جلساته مع وزيرة الخارجية كونداليزا رايس لكونها لم تفلح في دفع الحكومة العراقية على إصدار القانون.

ومن جهة أخرى انكبت لجنة برلمانية موسعة على الدستور العراقي الحالي لمدة طويلة تقلب هذا الدستور وتدرس مساوئه وتنظر في التعديلات التي يجب أن تجري على نصوصه. وقد حصل الاتفاق على بعض التعديلات ولم يحصل على البعض الآخر، فأُرجي الأمر لنهاية السنة حتى ينظر القادة السياسيون في التعديلات المختلف عليها، على أمل البت بها بطريقة ما.

لقد كنا نتوقع قبل صدور الدستور العراقي الحالي أن يعطى لإخواننا الأكراد العراقيين حق تكوين إقليم كردي يرتبط فيدرالياً مع الجزء العربي من العراق على أن يكون الحكم لا مركزياً للمحافظات العربية، ويدار العراق بجزئيه العربي والكردي بواسطة حكومة فيدرالية قوية. غير أن الدستور صدر – مع الأسف – ليعطي كل محافظة عربية أو أكثر الحق في تكوين إقليم، وهذا أحد مثالب الدستور الخطيرة فهو – في حالة الأخذ بهذا المبدأ – سيقود بالضرورة ليس فقط إلى تكوين أقاليم على أسس طائفية قد تقود إلى تقسيم العراق العربي بالنهاية، وإنما إلى توسيع رقعة التوترات و لربما تفتيت الدول العربية بالمنطقة، لا سمح الله.

ثم طلع علينا مؤخراً الكونغرس الأمريكي بقرار غريب (مع أنه غير ملزم) يدعو إلى تقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات كردية وسنية عربية وشيعية عربية، تحت مظلة حكومة فيدرالية ضعيفة. نعم، طلع علينا الكونغرس الأمريكي أخيراً بهذا القرار – وهو عجب العجائب – وكأن هذا الكونغرس هو المسؤول عن مصير العراق وشكل المساحات الجغرافية التي يسكنها شعب العراق ونوع الحكومات التي ستحكمه. ولقد بيّن الكونغرس الأمريكي بهذا القرار للشعب العراقي ولشعوب العالم الأجمع لونه الحقيقي. فهو يريد بالنهاية تفتيت هذا البلد العريق الذي بدأ أول تشريع بتاريخ البشرية – وبالمناسبة فإن الكونغرس هو السلطة التشريعية لأمريكا – إلى دويلات ضعيفة متطاحنة يمتد مرضها المعدي – أي التفتت والتطاحن – إلى الدول الأخرى في الشرق الأوسط، كل ذلك من أجل أسرائيل و مصالحها طبعا. وقبل هذا فقد عمل هذا الكونغرس بمعية أقطاب الإدارة الأمريكية، على إهداء العراق قانون للنفط مشبوه، يتم بموجبه لأمريكا وشركاتها الكبرى السيطرة الإستراتيجية على أكبر الاحتياطيات النفطية المتبقية في العالم والتي لم يجر استغلالها حتى الآن.

ولقد جاء جواب الشعب العراقي الأصيل على قرار الكونغرس بليغاً ساطعاً، فهو لم يرفض ذلك القرار فحسب وإنما شجبه واستنكره أيضاً، ولم يتخلف عن مثل هذا الرد سوى الإقليم الكردي، مع الأسف. ومع كل هذا الذي حدث، فهل سيبرهن مجلس النواب العراقي أمام الشعب بأنه ليس مجرد ختم (Rubber Stamp) يستعمله القادة السياسيون كيفما اشتهت أنفسهم، بل على العكس إن لهم إرادة حرة، وإن الشعب العراقي الذي انتخبهم له الحق عليهم في أن يسهروا على حقوقه ويحموا مصالحه؟ وهل سيقوم مجلس النواب بالرد المناسب والذي يستحقه الكونغرس والإدارة الأمريكية بإرجاء مناقشة قانون النفط حتى يتم تعديل الدستور، ثم النظر به بعد ذلك؟ وهل سيقوم المجلس بإجراء التعديلات المستحقة على الدستور بضمنها المادة (112) فقرة أولى لتنص على أن: « تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية والذي سيُستخرج من الحقول المستقبلية مع حكومات الإقليم والمحافظات المنتجة ... الخ » وبذلك يرجع الحق كاملاً إلى نصابه لكون أن النفط والغاز هو ملك الشعب وأن الحكومة الفيدرالية هي التي تمثل عموم الشعب؟

إن الشعب العراقي بانتظار الجواب.